. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

المراد به حقيقته، فإن حقيقته عدم وجود ذات الفعل بدون النية وانتفائه بدونها، وليس كذلك، لأنه قد يوجد ذات العمل بغير نية، وأيضًا الشارع إنما بعث لبيان الشرائع والأحكام، فالمراد نفي حكم الفعل، والحكم نوعان: دنيوي كالصحة والفساد، وأخروي كالثواب والعقاب، والدينية مرادة بالاتفاق، فلا يصح إرادة الدنيوية لئلا يلزم عموم المشترك، فالمراد: ثواب الأعمال بالنيات، لكن الثواب هو المقصود في العبادات المقصودة لذاته، فإذا انتفى انتفت الصحة، وفيما ليس مقصودًا بذاته ليس المقصود الثواب، فلا يلزم من انتفائه انتفاء الصحة، لا يقال: الخصم قائل بعموم المشترك فيلتزمه، ولا محذور في ذلك عنده، لأنا نقول: قال المحققون من الشافعية كالغزالي وغيره: أن لا عموم للمشترك، ولا يجوز ذلك في لغة العرب قطعًا، فتدبر.

وقد يرجح تقدير الصحة بأنه أشبه بنفي الشيء نفسه؛ ولأن اللفظ دل على نفي الذات بالصريح وعلى نفي الصفات بالتبع، فلما منع الدليلُ نفي الذات بقيت دلالته على نفي الصفات مستمرة، كذا قالوا، ويمكن ترجيح تقدير الثواب بأنه المقصود الأصلي من العمل، وورود هذا الحديث للترغيب في تحصيل النية حتى يقع العمل مقبولًا ويثاب عليه، ويدل على ذلك تفريع: (فمن كانت هجرته إلى اللَّه وإلى رسوله. . . إلخ)، واللَّه أعلم. لكن الوسائل من حيث هي وسائل ليس الثواب منظورًا فيها فيصح بدون النية.

ثم اختلفوا في التروك هل هي داخلة أم لا؟ فقيل: لا تدخل، لأنها لا تسمى أعمالًا فلا تشترط النية فيها، ولذا لم تشترط النية في إزالة النجاسة لأنها من باب التروك، وشدّد بعضهم فأوجبها، وهذا عند الشافعية رحمهم اللَّه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015