. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

قال الخطابي (?): مقتضى العموم فيها أن لا يصح عمل من الأعمال الدينية أقوالِها وأفعالِها، فرضِها ونفلِها، قليلها وكثيرِها، إلا بنية، ودخل فيها التوحيد الذي هو رأس الأعمال الدينية فلا يصح إلا بقصد إخلاص فيه، انتهى.

قلت: هذا الذي ذكره الخطابي من دخول أفعال القلوب صحيح بلا شبهة، فإن معنى النية هو قصد التقرب إلى اللَّه، وذلك جائز وجودًا وعدمًا في الأفعال القلبية كحب أحد أو بغضه لا لقصد التقرب، ولذا ورد: (الحب للَّه والبغض للَّه)، لكن في دخول التوحيد والتصديق الذي هو من أعمال القلب شيء من الخفاء، والظاهر دخوله أيضًا؛ لأن التصديق القلبي الذي هو عبارة عن الإيمان يجب أن يكون على قصد التقرب والإخلاص وتحصيل اليقين الذي يتنوّر به جوهر القلب حتى يصير سببًا للتقرب من اللَّه ومعرفته وحصول رضاه، ويصير سببًا للفوز بنعيم الجنة والنجاة من العذاب الأليم، لا على نية أن يصفه الناس بالإيمان ويَعُدُّوه في زمرة المؤمنين، وتظهر آثاره عندهم، وتجرى عليه ظواهر أحكام الإسلام فيصير سببًا لحصول الغنائم والعزة عند الناس، كما هو حال المنافقين في الإقرار، فلا يتّجه ما قال الكرماني (?): ليس دخول التوحيد فيها مسلَّمًا، لأن التوحيد من الاعتقاديات لا من العمليات، إلا أن يراد بالتوحيد قول كلمة الشهادة، وبالعمل ما يتناول عمل اللسان.

أقول: ويَرِدُ عليه أن الاعتقاديات من أعمال القلوب فتشتملها الأعمال، ولعله زعم أنه لو كانت الاعتقاديات التي هي من أعمال القلوب داخلة لزم التسلسل؛ لأن من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015