واعتنى بشأن (مشكاة المصابيح) العلماء فقاموا بشرحه والتعليق عليه. . .
ولقد لقي كتاب (مشكاة المصابيح) كلّ عناية وإكرام مِن قِبَلِ عُلماء القارة الهنديَّة، فقاموا بشرحه في أكثر من شرح رائق عذبٍ متلألئ، جمعوا فيه فِكر المتقدمينَ، ومحاسِنَ المتأخرين. . .
إنَّ عُلماء هذه القارة احتفوا بالسُّنَّة النَّبويَّة أيَّما حفاية، فنالت منهم صدق الرِّعاية، فقاموا بخدمتها عبر السنين الطوال، ولا عجب في ذلك، فروح الكرم فيهم نزاعة، وروح المبرة فيهم مستمرة، وحبهم للسُّنَّة مُخيم لا ينقطع، وهذا من تمام الدِّين. . .
ومن هؤلاء الشُّرَّاح الشَّيخ عبد الحقّ بن سيف الدِّين الدَّهْلوي (958 - 1052 هـ)، رحمه اللَّهُ تعالى مؤلِّف كتاب (لمعات التَّنقيح في شرح مشكاة المصابيح) كانَ مُحَدِّثَ الهند في عصره، جاور في الحرمين الشَّريفين أربع سنوات، فنال جزيل الأجرِ، وأخذ عن علمائها، فقصدهُ النَّاسُ وائتموا به، كانَ واسع النَّفَس، ذو باعٍ طويلٍ، كتبَ بالعربية، والفارسيَّةِ، وقيلَ: بلغت مُصنَّفاته مئة مُجلَّدٍ، كان بارعا بالحديثِ وعلومهِ، عارفًا بالمسائل واختلاف العلماء والفتاوى، قدمهُ عُلماء بلدهِ، وزارهُ الأمراءُ والأشرافُ، وأثنَى عليه غيرهم من عُلماء الدِّيار الإسلاميَّة. . .
بلغ التّسعينَ من عُمُرهِ، وكان يتمتعُ بالصِّحَّةِ وروح الشَّبابِ، وللَّهِ في خلْقِهِ أسرار. . .
وكتابهُ (لمعات التَّنقيح في شرح مشكاة المصابيح)، هو واحد من الشروح التي أثنى عليها عدد من أهل العلمِ. . . شرحٌ عذبٌ لباغي الحديثِ وطالبِ السُّنَّة، تشرق منه الفوائد، وتغيبُ فيه الغوامض، وتُرْتَشفُ من ثناياه الدُّرر، فيكرع طلاب العلم من زلاله العذبِ، فتخصب العقول، {وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ