. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حتى فارق الدنيا، فقد شَنَّعَ عليه ابن الجوزي بما لا يجوز ذكره وأبطله، واشتهر بعض الرواة فيها بالوضع على أنس، وقد صح حديث أبي مالك الأشجعي عن أبيه أنه قال: أي بني مُحدَث، يعني المواظبة والمداومة على قنوت الصبح.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي بكر وعمر وعثمان -رضي اللَّه عنهم- أنهم كانوا لا يقنتون في الفجر. وأخرج عن علي -رضي اللَّه عنه- أنه لما قنت في الصبح أنكر الناس عليه، فقال: استنصرنا على عدونا. وأخرج عن ابن عباس وابن مسعود وابن عمر وابن الزبير -رضي اللَّه عنهم- أنهم كانوا لا يقنتون في صلاة الفجر. وأخرج عن ابن عمر -رضي اللَّه عنه- أنه قال في قنوت الفجر: ما شهدت وما علمت.
وقال محمد بن الحسن: أخبرنا أبو حنيفة -رحمة اللَّه عليه- عن حماد عن إبراهيم عن الأسود أنه صحب عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- سنتين في السفر والحضر، فلم يره قانتًا في الفجر، وهذا سند لا غبار عليه.
وبالجملة لو كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قنت في صلاة الفجر، وكانت سنة راتبة لم يخف ذلك، ونقلوه كنقل جهر القراءة، فكل ما روي عن فعله -صلى اللَّه عليه وسلم- إن صح فهو محمول على النوازل بالدعاء لقوم أو على قوم، وهذا خلاصة كلام الشيخ ابن الهمام مع اختصار وتنقيح، وعليه يحمل المداومة المستفادة من مثل قول أبي جعفر وغيره: كان يقنت حتى توفاه اللَّه تعالى، يعني كان يداوم مدة عمره على القنوت في النوازل، وعليه يحمل عمل بعض الصحابة.
وقد روي عن الصديق -رضي اللَّه عنه- أنه قنت في الصبح عند محاربة الصحابة مسيلمة وعند محاربة أهل الكتاب، وكذا قنت عمر -رضي اللَّه عنه-، وكذا علي -رضي اللَّه عنه- في محاربة معاوية، ويروى في هذا العكس أيضًا، فقد ثبت بما ذكرنا نفي سنية القنوت في الصبح راتبة،