رَفَعَ اللَّه دَرَجَتَهُ أَجْمَعَ كِتَابٍ صُنِّفَ فِي بَابِهِ، وَأَضْبَطَ لِشَوَارِدِ الأَحَادِيثِ وَأَوَابِدِهَا، وَلَمَّا سَلَكَ -رضي اللَّه عنه- طَرِيقَ الاِخْتِصَارَ،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله: (أجمع كتاب صنف في بابه) المراد أنه من أجمع كتاب، أو هو مبالغة للترغيب في تحصيله، وهي صادقة من وجه، والمراد من (بابه) جميع أحكام الإسلام والإيمان من العمليات والاعتقاديات وما يتعلق بها من الفضائل والآداب وأمثالها، فيكون الضمير في (بابه) لكتابه.

وقوله: (وأضبط لشوارد الأحاديث وأوابدها) ضبطه ضبطًا: حفظه، ورجل ضابط، وجمل ضابط: قوي شديد، والشوارد جمع شاردة، وشرد البعير شرودًا وشرادًا بالكسر: نفر، والأحاديث جمع حديث ضد القديم، وقد عرفت معناه الاصطلاحي، ونقل عن الفراء أنه قال: الأحاديث جمع أحدوثة في الأصل، ثم جعل جمع حديث، وقال في (القاموس) (?): الحديث: الجديد والخبر، وجمعه أحاديث شاذٌ، وقال: الأحدوثة ما يُتَحَدَّثُ به، والأوابد جمع آبدة: البهيمة المتوحشة، وفي (القاموس) (?): الأوابد: الوحوش، وأَبَدَت البهيمة وتأبدت: وحشت وتوحشت.

والمراد بالشوارد: الأحاديثُ المخرجة في الأصول، ومواضع إيرادها فيها قد خفيت على الطالبين، فكأنها نفرت منهم، وبالأوابد: الأحاديثُ التي دلالتها على معانيها التي قصدت منها خفية، فكأنها توحشت من الطلاب، وبإيراد محيي السنة إياها في الأبواب المناسبة والمواضع اللائقة التي تظهر منها معانيها ويتضح المراد منها ارتفع الشرود وانتفى التوحش منها، وصارت مضبوطة مأنوسة، كذا قال الأمير جمال الدين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015