بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مُقَدِّمَةُ المِشْكَاةِ

الْحَمْدُ للَّه، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (الحمد للَّه) أتى بالحمد بعد التسمية اقتداء بكتاب اللَّه، بل نقول: امتثالًا لأمره سبحانه بناءً على ما قيل: إن فاتحة الكتاب تعليم من اللَّه تعالى للعباد بأن يحمدوه على صفات كماله، ويشكروه على عظيم نواله، ويبتدؤوا به في عزائم أمورهم في كل حال وفي كل حين، وهو الموجب لورود الحديث بالابتداء به والوعيد على تركه، والتزام السلف تصدير كتبهم به، ولذا أتى بلفظ (الحمد للَّه)، ثم الظاهر أنه محمول ههنا على حقيقة الإخبار باستحقاقه سبحانه الحمد، واختصاصه به، وإنشاؤه إنما هو بقوله: (نحمده) وإلا يلزم التكرار، يعني أنه تعالى لما كان مستحقًا للحمد بالذات، وكان ثابتًا له دائمًا، سواء كان من العباد أو منه على ذاته المقدسة في الكلام القديم، أو ببث الآيات (?) وإظهار الكمالات وإفاضة الآلاء وإسباغ النعماء، وقد أمرنا به، فلا بدّ أن نحمده، ويجوز أن يحمل على الإنشاء، ويتجدد فائدةُ قوله: (نحمده) بعطف (نستعينه ونستغفره) عليه.

ولفظ الجمع في نحمده وما عطف عليه لنفسه ولجميع أفراد النوع الإنساني معه، بل لجميع الخلق الجسماني والروحاني الحامدين لربهم بلسان القال والحال، {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44] إشارة إلى أن هذا الأمر العظيم لا يتيسر من واحد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015