وَالدَّلِيل على ذَلِك
أَن كل مُخْتَصّ بِجِهَة شاغل لَهَا متحيز وكل متحيز قَابل لملاقاة الْجَوَاهِر ومفارقتها وكل مَا يقبل الِاجْتِمَاع والافتراق لَا يَخْلُو عَنْهَا وَمَا لَا يَخْلُو عَن الِاجْتِمَاع والافتراق حَادث كالجواهر
فَإِذا ثَبت تقدس الْبَارِي عَن التحيز والاختصاص بالجهات فيرتب على ذَلِك تعاليه عَن الِاخْتِصَاص بمَكَان وملاقاة أجرام وأجسام
فَإِن سئلنا عَن قَوْله تَعَالَى {الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى}
قُلْنَا المُرَاد ب الاسْتوَاء الْقَهْر وَالْغَلَبَة والعلو
وَمِنْه قَول الْعَرَب اسْتَوَى فلَان على المملكة أَي استعلى عَلَيْهَا واطردت لَهُ
وَمِنْه قَول الشَّاعِر
(قد اسْتَوَى بشر على الْعرَاق ... من غير سيف وَدم مهراق)