فهذه وصية من يعقوب لأبنائه بالتمسك بعبادة الله وحده لا شريك له فهذه وصية جامعة للموصي والموصى إليه بل هي من أنفع الوصايا على الإطلاق, وللأسف غفل الكثير عن هذه الوصية ونظروا لما هو دونها في النفع فهي وصية الأولين والآخرين وأتباعهم بل هي وصية رب العالمين لعباده.
فما ينبغي التفطن له أن يوصى أحدنا أولاده إذا حضرته الوفاة بما وصى به يعقوب أولاده لكي يثبتوا عليه حتى يلقوا ربهم سبحانه وتعالى.
2 - ومن الحكمة في تشريعها أنها تبرأ بها ذمة الموصى مما يحدث بعد موته وبخاصة إذا كان في أماكن يكثر فيها الجهل بعقيدة التوحيد فالموصي يوصي أولاده مثلاً وكذا أقاربه ببراءته من الحالقة والشاقة والصالقة كما قال أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - في مرض موته: «أنا بريء ممن برئ منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الصالقة والحالقة والشاقة» (?) , وكذا براءته من دعوى الجاهلية الممقوتة فإذا وصي الموصي بعدم شق الجيوب ولطم الخدود وحلق الرؤوس وغيرها من الأمور المنهية شرعاً فإنه ينجو من عذاب القبر فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه» (?) , والمراد بالبكاء هنا هو المصحوب بما ذكرناه آنفاً فإذا وصى بعدم فعل هذه الأشياء وبراءته منها نجا بلا شك من العذاب المرتب على ذلك.
3 - ومن حكمتها أنها عمل ينتفع به الميت بعد موته فلو أن أحد الموصين