وتقوي صلة الفرد بالمحيط الذي يعيش فيه عن طريق العبادة والتربية والتشريع1.
"ومع كل هذا فقد بدا لبعض المستشرقين أن يصوروا المسلم على أنه ذو نزعة فردية لا تقاوم، لم يعرف معنى رباط التضامن في يوم من الأيام"2 وإن الدين الإسلامي -كما يقول أحد المستشرقين- يحترم النزعة الفردية ويقدسها، ولا يعرف معنى اندماج النفوس وتلاشيها في تنظيم كبير: "فليست الأعمال الجماعية مثل صلاة الجمعة، ووَقْفَة عرفات، وصلاة الأعياد، إلا أعمالاً فردية يؤديها المؤمنون في وقت واحد ومكان واحد، دون أن تتخذ طابع الاحتفالات الموجهة أو المنظمة وفق تنسيق خاص"3.
وسوف يلاحظ أي إنسان يحضر صلاة الجماعة للمسلمين، أن هذا القول لا أساس له من الصحة، وسوف لا يرى المؤمنين مبعثرين في غير نظام، يصلي كل واحد من أجل نفسه، أو يحضر كمشاهد، بينما إمامهم يؤدي وحده جوهر الفريضة الدينية؛ وإنما سوف يرى المؤمنين مصطفِّين في نظام جميل، متلاصقين كتفًا إلى كتف، الغني بجانب الفقير، والرئيس بجوار مرءوسه في وضع واحد، واتجاه واحد، ودعاء واحد، كل منهم يدعو للجميع: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} . إنهم جميعًا يطلبون النجاة والفلاح، ليس فقط لمجموعة المصلين، وإنما لجميع عباد الله الصالحين أينما كانوا: "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين"4.