الَّتِي لعهدهم أَو قَرِيبا مِنْهُم وتفاوضوا فِي الْأَخْبَار عَن جيوش الْمُسلمين أَو النَّصَارَى أَو أخذُوا فِي إحصاء أَمْوَال الجبايات وخراج السُّلْطَان ونفقات المترفين وبضائع الْأَغْنِيَاء الموسرين وتوغلوا فِي الْعدَد وتجاوزوا حُدُود العوائد وطاوعوا وساوس الأغراب
فَإِذا أستكشفت أَصْحَاب الدَّوَاوِين عَن عساكرهم واستنبطت أَحْوَال أهل الثروة فِي بضائعهم وفوائدهم واستجلبت عوائد المترفين فِي نفقاتهم لم تَجِد معشار مَا يعدونه وَمَا ذَلِك إِلَّا لولوع النَّفس بالغرائب وسهولة التجاوز على اللِّسَان والغفلة عَن المتعقب والمنتقد حَتَّى لَا يُحَاسب نَفسه على خطأ وَلَا عمد وَلَا يطالبها فِي الْخَبَر بتوسط وَلَا عَدَالَة وَلَا يرجعها إِلَى بحث وتفتيش فَيُرْسل عنانه ويسيم فِي مراتع الْكَذِب لِسَانه ويتخذ آيَات الله هزوا وَيَشْتَرِي لَهو الحَدِيث ليضل عَن سَبِيل الله وحسبك بهَا صَفْقَة خاسرة
وَمن الْأَخْبَار الْوَاهِيَة للمؤرخين مَا ينقلونه كَافَّة فِي أَخْبَار التبابعة مُلُوك الْيمن وجزيرة الْعَرَب أَنهم كَانُوا يغزون من قراهم بِالْيمن إِلَى إفريقية والبربر من بِلَاد الْمغرب وَأَن إفريقش بن قيس بن صَيْفِي كَانَ لعهد مُوسَى أَو قبله بِقَلِيل غزا إفريقية وأثخن فِي البربر وَأَنه سماهم بِهَذَا الِاسْم حِين سمع رطانتهم وَقَالَ مَا هَذِه البربرة فَأخذ هَذَا الِاسْم مِنْهُ ودعوا بِهِ من حِينَئِذٍ وَأَنه لما انْصَرف إِلَى الْمغرب حجز هُنَاكَ قبائل من حمير فأقاموا بهَا واختلطوا بِأَهْلِهَا وَمِنْهُم صنهاجة وكتامة
وَمن هَذَا ذهب الطَّبَرِيّ والجرجاني والمسعودي وَابْن الْكَلْبِيّ والبيلي إِلَى أَن صنهاجة وكتامة من حمير وتأباه نسابة البربر وَهُوَ الصَّحِيح
وَذكر المَسْعُودِيّ أَيْضا أَن ذَا الأذعار من مُلُوكهمْ قبل أفريقش وَكَانَ