لَيْلًا وَالْآخر يَوْمًا لِأَن كلا من المدارات الشمالية والجنوبية متساويان لَا تفَاوت بَينهمَا وَإِن وجدا متفاوتين فِي النّظر باخْتلَاف الأوج والحضيض تَفَاوتا غير محسوس
وَأما الصَّوْم فيستفسر من أهل المراكب الَّتِي تَأتي من قرب الأَرْض المعمورة أَي شهر هَذَا من الشُّهُور القمرية فَإِذا أخبروهم بذلك حسبوا كل شهر ثَلَاثِينَ يَوْمًا من الشُّهُور القمرية الْأُخْرَى فَإِذا جَاءَ شهر رَمَضَان على ذَلِك الْحساب يَجْعَل نصف الْمدَار يَوْمًا وَالنّصف الآخر لَيْلًا ويصوم بِالنَّهَارِ وَيفْطر بِاللَّيْلِ كَمَا ذكرنَا فِي الصَّلَاة
وَهَذَا هُوَ الطَّرِيق السهل وَإِن كَانَت هُنَاكَ آلَات النجامية وَمَعْرِفَة التفاويم كَمَا يذكر أَن فِي بِلَاد الرّوم أجراسا تصنع لمعْرِفَة الشُّهُور يعْرفُونَ بهَا جملَة تشكلات الشَّهْر الْقمرِي من أَوله إِلَى آخِره فَيعْتَبر بِهَذِهِ الْآلَة أَولا شهر رَمَضَان ثمَّ بِآلَة أُخْرَى سَاعَات الْيَوْم وَاللَّيْلَة وَيفْطر الصَّائِم على وفقها وَيُمكن أَن يعرف منَازِل الْقَمَر من إبتداء ذَلِك الشَّهْر وَيجْعَل كل منزل مِنْهَا قسمَيْنِ فَيعْتَبر وَنصفا من الْيَوْم وَنصفا اللَّيْل وأسهل الطّرق أَن الْقَمَر فِي الْمنَازل الشمالية كَانَ مَدَاره دَائِم الظُّهُور على سكان تِلْكَ الأَرْض فينصف كل مدَار ويصوم وَيفْطر وَإِذا سَار الْقَمَر فِي البروج الجنوبية يعْمل على ذَلِك الْحساب الْكَائِن فِي الْمنَازل الشمالية وَهَذَا الحكم دلّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {هُوَ الَّذِي جعل الشَّمْس ضِيَاء وَالْقَمَر نورا وَقدره منَازِل لِتَعْلَمُوا عدد السنين والحساب} ومنازل الْقَمَر وَعِشْرُونَ منزلَة وَهَذِه الْمنَازل مقسومة على البروج وَهِي إثنا عشر برجا وَلكُل برج منزلتان وَثلث فَينزل الْقَمَر كل لَيْلَة مِنْهَا منزلا وَيكون إنقضاء الشَّهْر مَعَ نُزُوله تِلْكَ الْمنَازل وَالْمعْنَى لِتَعْلَمُوا عدد الشُّهُور وَالْأَيَّام والساعات وَمَا يتَفَرَّع عَلَيْهَا مثل الصَّلَاة وَالصَّوْم وحلول الدُّيُون وَوُجُوب المشاهرة وَغير ذَلِك قَوْله تَعَالَى {الشَّمْس وَالْقَمَر بحسبان} أَي يجريان بِحِسَاب