الْمَعْمُور ثمَّ هدمها الطوفان بعد ذَلِك وَلَيْسَ فِيهِ خبر صَحِيح يعول عَلَيْهِ وَإِنَّمَا إقتبسوه من مَحل الْآيَة فِي قَوْله {وَإِذ يرفع إِبْرَاهِيم الْقَوَاعِد من الْبَيْت وَإِسْمَاعِيل} ثمَّ بعث الله إِبْرَاهِيم وَكَانَ من شَأْنه وشأن زَوجته سارة وغيرتها من هَاجر مَا هُوَ مَعْرُوف وَأوحى الله إِلَيْهِ أَن يتْرك ابْنه إِسْمَاعِيل وَأمه هَاجر بالفلاة فوضعهما فِي مَكَان الْبَيْت وَسَار عَنْهُمَا وَكَيف جعل الله لَهما من اللطف فِي نبع مَاء زَمْزَم ومرور الرّفْقَة من جرهم بهما حَتَّى احتملوهما وَسَكنُوا إِلَيْهِمَا ونزلوا مَعَهُمَا حوالي زَمْزَم كَمَا عرف فِي مَوْضِعه فَاتخذ إِسْمَاعِيل بِموضع الْكَعْبَة بَيْتا يأوي إِلَيْهِ وأدار عَلَيْهِ سياجا من الدوم وَجعله زربا لغنمه وَجَاء إِبْرَاهِيم صلوَات الله عَلَيْهِ مرَارًا لزيارته من الشَّام أَمر فِي آخرهَا بِبِنَاء الْكَعْبَة مَكَان ذَلِك الزرب فبناه واستعان فِيهِ بإبنه إِسْمَاعِيل ودعا النَّاس إِلَى حجَّة وَبَقِي إِسْمَاعِيل سَاكِنا بِهِ وَلما قبضت أمه هَاجر وَقَامَ بنوه من بعده بِأَمْر الْبَيْت مَعَ أخوالهم من جرهم ثمَّ العماليق من بعدهمْ وَاسْتمرّ الْحَال على ذَلِك وَالنَّاس يهرعون إِلَيْهَا من كل أفق من جَمِيع أهل الخليقة لَا من بني إِسْمَاعِيل وَلَا من غَيرهم مِمَّن دنا أَو نأى فقد نقل أَن التبابعة كَانَت تحج الْبَيْت وتعظمه وَأَن تبعا كساها الملاء والوصائل وَأمر بتطهيرها وَجعل لَهَا مفتاحا وَنقل أَيْضا ان الْفرس كَانَت تحجه وتقرب إِلَيْهِ وَإِن غزالي الذَّهَب اللَّذين وجدهما عبد الْمطلب حِين احتفر زَمْزَم كَانَا من قرابينهم وَلم يزل بجرهم الْولَايَة عَلَيْهِ من بعد ولد إِسْمَاعِيل من قبل خؤولتهم حَتَّى إِذا خرجت خُزَاعَة وَأَقَامُوا بهَا بعدهمْ مَا شَاءَ الله ثمَّ كثر ولد إِسْمَاعِيل وانتشروا وتشعبوا إِلَى كنَانَة ثمَّ كنَانَة إِلَى قُرَيْش وَغَيرهم وَسَاءَتْ ولَايَة خُزَاعَة فَغَلَبَتْهُمْ قُرَيْش على أمره وأخرجوهم من الْبَيْت وملكوا عَلَيْهِم يَوْمئِذٍ قصي بن كلاب فَبنى الْبَيْت وسقفه بخشب الدوم وجريد النّخل قَالَ الْأَعْشَى
(حَلَفت بثوبي رَاهِب الدَّيْر وَالَّتِي ... بناها قصي والمضاض بن جرهم)
ثمَّ أصَاب الْبَيْت سيل وَيُقَال حريق وتهدم وأعادوا بناءه وجمعوا النَّفَقَة لذَلِك من أمولهم وانكسرت سفينة بساحل جدة فاشتروا خشبها