عَن الانحراف فِي عَامَّة أَحْوَالهم وَهَؤُلَاء أهل الْمغرب وَالشَّام والحجاز واليمن والعراقين والهند والسند والصين وَكَذَلِكَ الأندلس وَمن قرب مِنْهَا من الفرنجة والجلالقة وَالروم واليونانيين وَمن كَانَ مَعَ هَؤُلَاءِ أَو قَرِيبا مِنْهُم فِي هَذِه الأقاليم المعتدلة وَلِهَذَا كَانَ الْعرَاق وَالشَّام أعدل هَذِه كلهَا لِأَنَّهَا وسط من جَمِيع الْجِهَات وَأما الأقاليم الْبَعِيدَة من الِاعْتِدَال مثل الأول وَالثَّانِي وَالسَّادِس وَالسَّابِع فأهلها أبعد من الِاعْتِدَال فِي جَمِيع أَحْوَالهم فبناؤهم بالطين والقصب وأقواتهم من الذّرة والعشب وملابسهم من أوراق الشّجر يخصفونها عَلَيْهِم أَو الْجُلُود وَأَكْثَرهم عرايا من اللبَاس وفواكه بِلَادهمْ وأدمها غَرِيبَة التكوين مائلة إِلَى الانحراف ومعاملاتهم بِغَيْر الحجرين الشريفين من نُحَاس أَو حَدِيد أَو جُلُود يقدرونها للمعاملات وأخلاقهم مَعَ ذَلِك قريبَة من خلق الْحَيَوَانَات الْعَجم حَتَّى ينْقل عَن الْكثير من السودَان أهل الإقليم الأول أَنهم يسكنون الكهوف والغياض ويأكلون العشب وَأَنَّهُمْ متوحشون غير مستأنسين يَأْكُل بَعضهم بَعْضًا وَكَذَا الصقالبة

وَالسَّبَب فِي ذَلِك أَنهم لبعدهم عَن الِاعْتِدَال يقرب عرض أمزجتهم وأخلاقهم من عرض الْحَيَوَانَات الْعَجم ويبعدون عَن الإنسانية بِمِقْدَار ذَلِك وَكَذَلِكَ أَحْوَالهم فِي الدّيانَة أَيْضا فَلَا يعْرفُونَ نبوة وَلَا يدينون بشريعة إِلَّا من قرب مِنْهُم من جَوَانِب الِاعْتِدَال وَهُوَ فِي الْأَقَل النَّادِر مثل الْحَبَشَة المجاورين الْيمن الدائنين بالنصرانية فِيمَا قبل الْإِسْلَام وَمَا بعده لهَذَا الْعَهْد وَمثل أهل مَالِي وكوكو والتكرور المجاورين لأرض الْمغرب الدائنين بِالْإِسْلَامِ لهَذَا الْعَهْد يُقَال أَنهم دانوا بِهِ فِي الْمِائَة السَّابِعَة وَمثل من دَان بالنصرانية من أُمَم الصقالبة والإفرنجة وَالتّرْك من الشمَال من سوى هَؤُلَاءِ من أهل تِلْكَ الأقاليم المنحرفة جنوبا وَشمَالًا فالدين مَجْهُول عِنْدهم وَالْعلم مَفْقُود بَينهم وَجَمِيع أَحْوَالهم بعيدَة من أَحْوَال الأناسي قريبَة من أَحْوَال الْبَهَائِم {ويخلق مَا لَا تعلمُونَ}

وَلَا يعْتَرض على هَذَا القَوْل بِوُجُود الْيمن وحضرموت والأحقاف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015