وَكَذَا تركيب الأفلاك فِي طباقتها وَكَذَا الرُّجُوع والإستقامة وأمثال ذَلِك وَكَانَ اليونانيون يعتنون بالرصد كثيرا ويتخذون لَهُ الْآلَات الَّتِي تُوضَع ليرصد بهَا حَرَكَة الْكَوْكَب الْمعِين وَكَانَت تسمى عِنْدهم ذَات الْحلق وصناعة عَملهَا والبراهين عَلَيْهِ ومطابقة حركتها بحركة الْفلك مَنْقُول بأيدي النَّاس

وَأما فِي الْإِسْلَام فَلم تقع بِهِ عناية إِلَّا فِي الْقَلِيل وَكَانَ فِي أَيَّام الْمَأْمُون شَيْء مِنْهُ وضع الْآلَة الْمَعْرُوفَة للرصد الْمُسَمَّاة ذَات الْحلق وَشرع فِي ذَلِك فَلم يتم وَلما مَاتَ ذهب رسمه وأغفل وَاعْتمد من بعده على الأرصاد الْقَدِيمَة وَلَيْسَت بمغنية لاخْتِلَاف الحركات باتصال الأحقاب وَأَن مُطَابقَة حَرَكَة الْآلَة فِي الرصد بحركة الأفلاك وَالْكَوَاكِب إِنَّمَا هُوَ بالتقريب وَلَا يعْطى التَّحْقِيق فَإِذا طَال الزَّمَان ظهر تفَاوت ذَلِك بالتقريب وَهَذِه الْهَيْئَة صناعَة شريفة وَلَيْسَت على مَا يفهم فِي الْمَشْهُور أَنَّهَا تُعْطِي صُورَة السَّمَوَات وترتيب الأفلاك وَالْكَوَاكِب بِالْحَقِيقَةِ بل إِنَّمَا تُعْطِي أَن هَذِه الصُّور والهيئات للأفلاك لَزِمت عَن هَذِه الحركات وَأَنت تعلم أَنه لَا يبعد أَن يكون الشَّيْء الْوَاحِد لَازِما لمختلفين وَإِن قُلْنَا أَن الحركات لَازِمَة فَهُوَ اسْتِدْلَال باللازم على وجود الْمَلْزُوم وَلَا ايعطى الْحَقِيقَة بِوَجْه على أَنه علم جليل وَهُوَ أحد أَرْكَان التعاليم

وَمن أحسن التآليف فِيهِ كتاب المجسطي مَنْسُوب لبطليموس وَلَيْسَ من مُلُوك اليونان الَّذين أَسمَاؤُهُم بطليموس على مَا حَقَّقَهُ شرَّاح الْكتاب وَقد اخْتَصَرَهُ الْأَئِمَّة من حكماء الْإِسْلَام كَمَا فعله ابْن سينا وأدرجه فِي تعاليم الشِّفَاء ولخصه ابْن رشد أَيْضا من حكماء الأندلس وَابْن السَّمْح وَابْن الصَّلْت فِي كتاب الإقتصار

ولإبن الفرغاني هَيْئَة ملخصة قربهَا وَحذف براهينها الهندسية وَالله علم الْإِنْسَان مَا لم يعلم سُبْحَانَهُ لَا إِلَه إِلَّا هُوَ رب الْعَالمين

وَمن فروعه علم الأزياج وَهِي صناعَة حسابية على قوانين عددية فِيمَا يخص كل كَوْكَب من طَرِيق حركته وَمَا أدّى إِلَيْهِ برهَان الْهَيْئَة فِي وَضعه من سرعَة وبطء واستقامة وَرُجُوع وَغير ذَلِك يعرف بِهِ مَوَاضِع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015