(ذهب حَيْثُمَا ذَهَبْنَا ودر ... حَيْثُ درنا وَفِضة فِي الفضاء)

وَقَالَ الصَّيف أَنا الْخلّ الْمُوَافق وَالصديق الصَّادِق وَالطّيب الحاذق أجتهد فِي مصلحَة الْأَصْحَاب وَأَرْفَع عَنْهُم كلفة حمل الثِّيَاب وأخفف أثقالهم وأوفر أَمْوَالهم وأكفيهم المؤونة واجزل لَهُم المعونة وأغنيهم من شِرَاء الفرا وأحقق عِنْدهم أَن كل الصَّيْد فِي جَوف الفرا نصرت بالصبا وَأُوتِيت الْحِكْمَة فِي زمن الصبى بِي تتضح الجادة وتنضج من الْفَوَاكِه الْمَادَّة ويزهو الْبُسْر وَالرّطب وينصلح مزاج الْعِنَب ويقوى قلب اللوز ويلين عطف التِّين والموز وَينْعَقد حب الرُّمَّان فيقمع الصَّفْرَاء ويسكن الخفقان وتخضب وجنات التفاح وَيذْهب عرف السفرجل مَعَ هبوب الرِّيَاح وَتسود عُيُون الزَّيْتُون وتتخلق تيجان النارنج والليمون مواعيدي منقودة وموائدي ممدودة الْخَيْر مَوْجُود فِي مقَامي والرزق مقسوم فِي أيامي والفقر ينصاع على مده وصاعه ويالغنى يرتع فِي ملكه وإقطاعه والوحش تَأتي زرافات ووحدانا وَالطير تَغْدُو خماصا وتعود بطانا

(مصيف لَهُ ظلّ مديد على الورى ... فكم قد حلا طعما وحليل أخلاطا)

(يعالج أَنْوَاع الْفَوَاكِه مبديا ... لصحتها حفظا ويعجز بقراطا)

وَقَالَ الخريف أَنا سائق الغيوم وكاسر جَيش الغموم وهازم أحزاب السمُوم وحادي نَجَائِب السحائب وحاسر نقاب المناقب أَنا أصد الصدى وأجود بالندى وَأظْهر كل معنى جلى وأسمو بالوسمى والولى فِي أيامي تقطف الثِّمَار وتصفو الْأَنْهَار من الأكدار ويترقرق دمع الْعُيُون ويتلون ورق الغصون طورا يحاكي البقم وَتارَة يشبه الأرقم وحينا يَبْدُو فِي حلته الذهبية فيجذب إِلَى جَانِبه الْقُلُوب الأبية وفيهَا يَكْفِي النَّاس هم الْهَوَام ويتساوى فِي لَذَّة المَاء الْخَاص وَالْعَام وَتقدم الأطيار مطربة بنشيشها رافلة فِي الملابس الجديدة من ريشها وتعصر بنت العنقود وتوثق فِي سجن الدن بالقيود على أَنَّهَا لم تجترح إِثْمًا وَلم تعاقب إِلَّا عُدْوانًا وظلما بِي تطيب الْأَوْقَات وَتحصل اللَّذَّات وترق النسمات وترمى حَصى الجمرات وتسكن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015