آبَائِهِ إِلَى آدم وَهَذَا غَايَة الْمُنكر وتنبئ هَذِه النُّسْخَة أَن من انْقِضَاء الطوفان إِلَى ولادَة إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام تِسْعمائَة وَسبعا وَثَلَاثِينَ سنة وَأَن من ولادَة إِبْرَاهِيم إِلَى ولادَة مُوسَى خَمْسمِائَة وخمسا وَأَرْبَعين سنة فَمن آدم إِلَى وَفَاة مُوسَى حِينَئِذٍ أَلفَانِ وَسَبْعمائة وتسع وَثَمَانُونَ سنة وَأما مَا بَين وَفَاة مُوسَى وَبَين الْهِجْرَة فَفِيهِ مذهبان أَحدهمَا اخْتِيَار المؤرخين وَالْآخر اخْتِيَار المنجمين فَإِذا ضممنا إِلَى ذَلِك مَا بَين وَفَاة مُوسَى وَالْهجْرَة كَانَ بَين هبوط آدم وَبَين الْهِجْرَة على حكم اخْتِيَار المؤرخين وَحكم توراة السمرَة خَمْسَة آلَاف وَمِائَة وَسبع وَثَلَاثُونَ سنة وَأما على اخْتِيَار المنجمين فتنقص عَن هَذِه الْجُمْلَة مِائَتَيْنِ وتسعا وَأَرْبَعين سنة فقد ظهر لَك فَسَاد هَذِه التَّوْرَاة من كَونهَا تَقْتَضِي إِدْرَاك نوح آدم وعيشه مَعَه الْمدَّة الطَّوِيلَة
الثَّانِيَة العبرانية وَهِي أَيْضا فَاسِدَة وَذَلِكَ أَنَّهَا تنبئ أَن مَا بَين هبوط آدم وَبَين الطوفان ألف وَخَمْسمِائة وست وَخَمْسُونَ سنة وَبَين الطوفان وَبَين ولادَة إِبْرَاهِيم مِائَتَان وَاثْنَتَانِ وَتسْعُونَ سنة وعاش نوح بعد الطوفان ثَلَاثمِائَة وَخمسين سنة بِاتِّفَاق فالتوراة العبرانية تنبئ أَن نوحًا أدْرك من عمر إِبْرَاهِيم الْخَلِيل ثمانيا وَخمسين سنة وَهَذَا أَيْضا غَايَة الْمُنكر فَإِن نوحًا لم يدْرك إِبْرَاهِيم أصلا وَلَا يجوز ذَلِك لِأَن قوم هود أمة نجمت بعد قوم نوح وَأمة صَالح نجمت بعد أمة هود وَإِبْرَاهِيم وَأمته بعد أمة صَالح وَمِمَّا يدل على ذَلِك قَوْله تَعَالَى مخبرا عَن هود فِيمَا يعظ بِهِ قومه وهم قوم عَاد {واذْكُرُوا إِذْ جعلكُمْ خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم فِي الْخلق بسطة} وَكَذَلِكَ أخبر الله تَعَالَى عَن صَالح فِيمَا يعظ بِهِ قومه وهم ثَمُود {واذْكُرُوا إِذْ جعلكُمْ خلفاء من بعد عَاد وبوأكم فِي الأَرْض تَتَّخِذُونَ من سهولها قصورا وتنحتون الْجبَال بُيُوتًا} فقد ظهر فَسَاد هَذِه التَّوْرَاة العبرانية بذلك وَهِي التَّوْرَاة الَّتِي بيد الْيَهُود إِلَى زَمَاننَا هَذَا وَعَلَيْهَا اعتمادهم