ثمَّ انْطلق عبتدالمطلب مَعَ رَسُول أَبْرَهَة إِلَيْهِ فَلَمَّا استؤذن لعبد الْمطلب قَالُوا لأبرهة هَذَا سيد قُرَيْش فآذن لَهُ أَبْرَهَة وأكرمه وَنزل عَن سَرِيره وَجلسَ مَعَه وَسَأَلَهُ فِي حَاجته فَذكر عبد الْمطلب أباعره الَّتِي أخذت لَهُ فَقَالَ أَبْرَهَة إِنِّي كنت أَظن أَنَّك تطلب مني أَن لَا أخرب الْكَعْبَة الَّتِي هِيَ دينك فَقَالَ عبد الْمطلب أَنا رب الأباعر فاطلبها وللبيت رب يمنعهُ فَأمر أَبْرَهَة برد أباعره عَلَيْهِ فَأَخذهَا وَانْصَرف إِلَى قُرَيْش وَلما قَارب أَبْرَهَة مَكَّة وتهيأ لدخولها بَقِي كلما قبل فيله مَكَّة
وَكَانَ اسْم الْفِيل مَحْمُودًا ينَام وَيَرْمِي نَفسه إِلَى الأَرْض وَلم يسر فَإِذا قبلوه غير مَكَّة قَامَ يُهَرْوِل وبينما هم كَذَلِك إِذْ أرسل الله عَلَيْهِم طيرا أبابيل أَمْثَال الخطاطيف مَعَ كل طَائِر ثَلَاثَة أَحْجَار فِي منقاره وَرجلَيْهِ فقذفتهم بهَا وَهِي مثل الحمص والعدس فَلم يصب أحدا مِنْهُم إِلَّا هلك وَلَيْسَ كلهم أَصَابَت ثمَّ أرسل الله تَعَالَى سيلا فألقاهم فِي الْبَحْر وَالَّذِي سلم هَارِبا مَعَ أَبْرَهَة إِلَى الْيمن يبتدر الطَّرِيق وصاروا يتساقطون بِكُل مِنْهُم ولى منهل وَأُصِيب أَبْرَهَة فِي جسده وَسَقَطت أعضاؤه وَوصل إِلَى صنعاء كَذَلِك وَمَات وَلما جرى ذَلِك خرجت قُرَيْش إِلَى مَنَازِلهمْ وغنموا من أَمْوَالهم شَيْئا كثيرا وَلما هلك أَبْرَهَة ملك بعده ابْنه يكسوم ثمَّ أَخُوهُ مَسْرُوق وَمِنْه أخذت الْعَجم الْيمن
انْتهى الْكَلَام وَهُوَ آخر التواريخ الْقَدِيمَة وَلَا نذْكر من التواريخ الإسلامية هُنَا إِلَّا مولد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذكر الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة لِأَن أهل الْعلم من الْمُسلمين قد أَكْثرُوا الْجمع والتأليف فِيهَا وَهِي كَثِيرَة شهيرة متيسرة لكل وَاحِد فِي كل بلد من بِلَاد الْإِسْلَام وَقد ذكرنَا طرفا مِنْهَا فِي كتاب حجج الْكَرَامَة فِي آثَار الْقِيَامَة
مولد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أما أَبوهُ فَهُوَ عبد الله وَكَانَت وِلَادَته قبل الْفِيل بِخمْس وَعشْرين سنة وَكَانَ أَبوهُ قد بَعثه يمتار لَهُ فَمر بِيَثْرِب فَمَاتَ بهَا ولرسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَهْرَيْن وَقيل كَانَ حملا وَولد بعد مهلكه بأشهر قَلَائِل وَدفن فِي