ـ[هل قوَّى يعقوب بن شيبة السدوسي - رحمه الله - روايةَ أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه؟ وما الراجح فيها؟ ]ـ
تكلمت عن هذه المسألة في رسالتي العلمية عن «يعقوب بن شيبة ومنهجه في الجرح والتعديل» فمما قلته هناك:
«كلام يعقوب بن شيبة في رواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه»:
أبو عبيدة هو: ابن عبد الله بن مسعود، قال يعقوب: «هذليٌّ، حليفُ بني زُهرة»، وقال الترمذي: «لا يُعرف اسمه»، وقال أبو زرعة: «اسمه وكنيته واحد»، وقال ابن حجر: «مشهور بكنيته، والأشهر أنه لا اسم له غيرها، ويقال: اسمه عامر»، وهو متفقٌ على توثيقه، قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، وقال ابن معين: ثقة.
هذا وقد تكلم المحدثون في سماعه من أبيه، فكثير من المحدثين - حكى النوويُّ الاتفاق- على أنه لم يسمع من أبيه، نظرا لأنَّ أباه مات وهو صغير السن لا يتجاوز السابعة، وممن نصَّ على ذلك: عليُّ بنُ المديني، ويحيى بنُ معين، وأبو حاتم، والترمذيُّ، وابنُ حبان، والدارقطنيُّ، وغيرهم.
غير أنَّ جمعاً من الأئمة نصوا على تقوية روايته عن أبيه مع نصهم على عدمِ سماعه منهم: علي بن المديني-إمام العلل- والنسائي، والدارقطني، والطحاويّ وغيرهم.
وأحسن من بيّن ذلك يعقوبُ بنُ شيبة، حيث يقولُ: «إنما استجاز أصحابنُا أن يدخلوا حديثَ أبي عبيدة عن أبيه في المسند - يعني في الحديث المتصل -، لمعرفة أبي عبيدة بحديث أبيه وصحتها، وأنه لم يأت فيها بحديث منكر» (?) وهذا الكلام واضح وبيّن فقد تتبع الحفاظ رواية أبي عبيدة عن أبيه فوجدوها خالية من المناكير، وانضم إلى ذلك أنَّ أبا عبيدة ابن لعبد لله بن مسعود، ولا شك أنَّ الأصل أنَّ الابن أعرف بأبيه من غيره، قال ابنُ رجب: «وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه، لكن رواياته عنه صحيحة»، وقال أيضا «وأبو عبيدة وإن لم يسمع من أبيه إلا أن أحاديثه عنه صحيحةٌ، تلقاها عن أهل بيته الثقات العارفين بحديث أبيه، قاله ابن المديني وغيره».