وتوجيه النقد أمر مطلوب لا غبار عليه.
لكن الأمر المشكل هو مخالفة مذهب السلف الصالح لدى الصنعاني في هذا الكتاب، وهذا الإشكال موجود أيضا ـ من حيث الجملة ـ عند الشوكاني من بعده في إرشاد الفحول.
وهذا يظهر في مسائل عدة، فمن ذلك:
إنكار حجية الإجماع، وإنكار حجية القياس، وإنكار حجية قول الصحابي، وإيجاب الاجتهاد، وتحريم التقليد.
ولهذين الإمامين كتب نافعة، ومصنفات مسددة، لها قبول حسن ومكانة معروفة، أسأل الله أن يرحمهما رحمة واسعة، وأن يجزيهما خير الجزاء.
والذي أنصح به نفسي وعامة أهل العلم وطلابه في هذا العصر أن يقصر كل أحد نفسه ما أمكن على كتب المتقدمين من أهل العلم، وذلك في الدراسة والتدريس والبحث والتوثيق، خاصة في تلك العلوم التي نضجت مصادرها وتقررت مسائلها وضبطت أطرافها.
وأن يكون فرحه بالظفر بكلام المتقدمين وتقريراتهم أعظم من الظفر بكلام لبعض المعاصرين أو من قاربهم.
وألا يستكثر مما كتبه المتأخرون، فضلا عن أن يجعله أصلا ومعيارا للعلم.
وبهذا تكون الحاجة إلى ما كتبه المتأخرون محدودة، والرجوع إلى سابقيهم محتومة.
وهذا هو الموقف الصحيح من كتب المعاصرين:
فإن الأصل المطرد إنما هو النهل من كتب أهل العلم المتقدمين والاعتماد عليها في الاقتناء والبحث والدرس والاستغناء بها عما كتبه المعاصرون.