من هنا يُعلم أن هذا التخصيص يسوغ متى خلا من هذه المفسدة، وذلك بأن يستند التخصيص إلى سبب معقول يقصد مثله أهل العقل والفراغ والنشاط، كتخصيص يوم الخميس لصلاة الاستسقاء لكونه يومًا يفرغ الناس فيه من أعمالهم، فهو أيسر لاجتماع الناس، وكقصر المرء نفسه على ورد محدد من العبادة يلتزمه في أوقات مخصوصة، كل ليلة أو كل أسبوع، لكون ذلك أدعى لديمومة العمل وأقرب إلى الرفق، فمثل هذا التخصيص موافق لمقصد الشارع.
أما إذا صار التخصيص ذريعة إلى أن يعتقد فيه ما ليس مشروعًا فيمنع منه لأمرين:
أولاً: لأجل الذريعة، وثانيًا: لكونه مخالفًا لمعنى التوسعة.
قال الشاطبي: (ثم إذا فهمنا التوسعة فلابد من اعتبار أمر آخر، وهو أن يكون العمل بحيث لا يوهم التخصيص زمانًا دون غيره، أو مكانًا دون غيره، أو كيفية دون غيرها، أو يوهم انتقال الحكم من الاستحباب - مثلاً - إلى السنة أو الفرض).
وبهذا يتبين أن تخصيص العبادة المطلقة يسوغ بشرطين:
الأول: ألا يكون في هذا التخصيص مخالفة لمقصود الشارع في التوسعة والإطلاق.
والثاني: ألا يوهم هذا التخصيص أنه مقصود شرعًا.
وفي هذا المقام تنبيهات:
1 - أن في تخصيص العبادة المطلقة مخالفة لإطلاق الدليل وعمومه.
2 - أن في هذا التخصيص فتحًا للذرائع حيث يوهم ما ليس مشروعًا.