كما أن بعض الباحثين قد يرتجل في ردِّ مسألة، ثمّ يتبين له في قرارة نفسه خطؤها، وتراه بعد ذلك يُصرُّ على قوله المرتجل، ويصعب عليه النزوع عنه، وذلك مسلك غير حميد، وكما قيل: الرجوع إلى الحق فضيلة، ولا أشكُّ أن كثيرًا ممن في هذه الملتقيات الجادِّة قد اطَّلع على قصص رائعة من قصص السلف في التنازل عن الرأي الخطأ إذ نُبِّه عليه، إذ الإصرار غير المبرر على مسألة ظاهرٍ خطؤها مذمة للشخص من حيث لا يدري.
وأدعو الإخوة ونفسي إلى التثبت من نقل المعلومة، فكم ترى نسبة قولٍ إلى عالم من العلماء، ولا تكاد تراه قال به، لكن الباحث نقل ما فهم من كلامه، ونسبه إليه ظنًّا منه أنه قول له، فالحرص على نقل قول العالم بحذافيره أولى من تقويله القول بما فهمه الباحث.
وإنني أدعو إلى أن يكون بين أهل العلم اختلاف التغاير والتنوع، لا اختلاف التناقض والتضاد، وليعلم أنه لا يوجد أحد يستطيع أن يتسلط على فهم العباد، ويلزمهم بما لم يقتنعوا به، فإذا لم تقبل قولي أو لم أقبل قولك فليبق بيني وبينك الودُّ والصفاء، وإخاء الإيمان والولاء.
وأسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن اختارهم من بين خلقه، وجعلهم خيرته، وأن يرفعني وإياكم بالعلم والعمل، إنه سميع مجيب.
تنبيه:
لقد سلكت في بعض الأسئلة سبيل التوسع، أو الزيادة على ما أراده السائل من باب تتميم المنفعة والفائدة، وأرجو أن أكون قد وفقت في هذا، والله الموفق.