السؤال الخامس والستون:

كتب تلقت أحاديثها الأمة بالقبول مثل الصحيحين

ـ[ما رأي فضيلتكم هل يوجد كتب تلقت أحاديثها الأمة بالقبول مثل الصحيحين؟ وهل الإمام أحمد اشترط الصحة في مسندة؟ ]ـ

لا يوجد شيء من المصنفات تلقته الأمة كما تلقت الصحيحين، وهناك من اشترط الصحة في مصنفه وهذا معلوم كابن السكن وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والضياء المقدسي وغيرهم. والإمام أحمد لم يشترط الصحة في مسنده بل التزم إخراج ما اشتهر، وليس المراد بالشهرة هنا ما هو مقرر في كتب المصطلح، بل المراد أوسع من ذلك، وهو ما عرف لدى الحفاظ من الأخبار، ولذا فإنه يوجد في كتابه أفراد وغرائب، والإمام لم يلتزم الصحة ولذا فإنه يوجد في مسنده أحاديث يسأل عنه فيضعفها كما في مسائله وعلله وهي قليلة. إلا أنه لا يخرج للوضاعين، وهذا قد قرره جماعة من أهل العلم كابنه عبد الله وأبي يعلى وابن الجوزي وابن تيمية، بل قد قال الامام أحمد نفسه لابنه عبد الله: قصدت في المسند الحديث المشهور وتركت الناس تحت ستر الله ولو أردت أن أقصد ما صح عندي، لم أرو هذا المسند إلا الشيء بعد الشيء، ولكنك يا بني تعرف طريقتي في الحديث لست أخالف ما فيه ضعف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه. وهو يخرج في مسنده ما يحكم هو بضعفه وهو قليل كحديث دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد مرفوعاً: إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان. ومنه ما رواه من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله البجلي قال: كنا نرى الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة، قال الحافظ أبو داود في سؤالاته لأحمد عن أحمد: لا أصل له. إلا أن هذه الأحاديث قليلة، وما لم يعلم لأحمد قول فيه من المسائل أو جاء عنه قولان ولا مرجح، وهناك مما في مسنده من أحاديث تؤيد أحد القولين فهي تعتبر مرجحة، وقد اختلف الأصحاب في الأخذ والاعتبار بهذا المرجح إلا أن الذي يظهر اعتباره وقد رجحه ابن مفلح كما في الآداب، والله اعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015