ولذلك لا أريد أن أعين لك كتابا دون آخر. والغرض الذي نريد تحقيقه في مرحلة الابتداء هو التمهيد إلى التحصيل العلمي، وليس التحصيل العلمي مباشرة.
وبعد ذلك يخطو الطالب خطوة خطوة نحو التحصيل العلمي، وذلك من خلال مقارنة بين أكثر من كتاب ثم يقوم بعرض ما فهمه من ذلك على الكتب التي تشكل تطبيقا عمليا لنقاد الحديث. وينبغي أن يكون ذلك على سبيل التدرج، وتحت إرشاد أستاذ ماهر.
هذا ما أريد أن أنصحك أخي الكريم في ضوء تجربتي. أكرمنا الله وإياك بالتقوى والعلم والتواضع والصبر.
ـ[بعض طلبة العلم يطالب بعدم التقليد في مسألة أحوال الرواة وبخاصة التدليس. فهو لا يقبل وصف المتقدمين لأحد بالتدليس حتى يقيم الحجة على ذلك كأمثال وصف النسائي وأبي حاتم لأبي الزبير بالتدليس، ووصف عدد من الأئمة لعطية الكوفي بذلك وأشباه هؤلاء. وبعضهم يعمم هذا فلا يقبل تضعيف راو حتى يسرد من ضعفه الأحاديث التي أنكرت عليه. وإذا لم تكن كثيرة قالوا إن هذا لا يضعف الراوي. السؤال هل من الممكن تطبيق هذا المنهج على جميع الرواة في هذا اليوم؟. . ]ـ
لا يمكن تطبيق هذا المنهج اليوم إذا عرفنا مبلغ علمنا، وحقيقة حالنا، وطريقة دراستنا وتفكيرنا. والواقع أننا عالة على المتقدمين ثم على المتأخرين في علم الحديث.
ونحن نرى المتأخرين أمثال المزي والذهبي وابن حجر في كتبهم يقومون بجمع نصوص النقاد المتقدمين، ويقارنون بينها ثم يرجحون أصح الأقوال أو يوفقون بينها، دون أن نراهم يقومون بسبر مرويات الرواة للحكم عليهم، بخلاف الأئمة المتقدمين.
وهذا كتاب (الكامل) يعد أنموذجا لسبر المتقدمين روايات الراوي وأحاديثهم مع نقل نصوص الأئمة السابقين.