ولكن دلت النصوص من الكتاب، والسنة على الفرق بين أهل الكتاب وغيرهم من الكفار في بعض الأحكام من ذلك: حل ذبائح أهل الكتاب، وحل نسائهم الحرائر العفائف كما قال تعالى {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} بخلاف سائر طوائف الكفار من المجوس وعبدة الأوثان وغيرهم، فلا تحل ذبائحهم، ولا نسائهم للمسلمين، وهذا متفق عليه بين العلماء، ومن ذلك أن الجزية لا تؤخذ إلا من اليهود، والنصارى، والمجوس على قول أكثر أهل العلم لقوله تعالى {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}، وثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه أخذ الجزية من مجوس هجر". فلذلك اتفق العلماء على أخذ الجزية من هذه الطوائف، واختلفوا في أخذها من غيرهم، والراجح أنها تأخذ من جميع طوائف الكفر لحديث بريدة في صحيح مسلم: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ـ الحديث وفيه ـ وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال، أو خلال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين فإن هم أبوا فسلهم الجزية فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم .. الحديث. هذا والله أعلم، وصلى الله، وسلم على نبينا محمد.