وحين أتابع بعض المناقشات والمداخلات التي تدار في هذا الملتقى (المبارك إن شاء الله)، أرى لغة المحدثين النقاد آخذة في بلورتها بين كثير من الشباب والباحثين، وهذا خير كثير يبشرنا بمستقبل هذه الأمة، وما كنا نسمع هذه اللغة العلمية أصلا حين كنا في مرحلة التكوين، بل إن كثيرا من الأساتذة كانوا يفرضون على الطلبة الباحثين التقيد بمراتب الجرح والتعديل في عملية التصحيح والتضعيف والتحسين؛ فما رواه الثقة عندهم يعني صحيح لذاته، وإذا كان الراوي صدوقا فحسن لذاته، وإذا كان ضعيفا فحديث ضعيف، وإذا توبع فحسن لغيره، وما رواه المتروك يسمى متروكا، وما رواه المتهم يطلق عليه حديث واه، أو حديث مطروح، وما رواه الكذاب فموضوع، وما خالف فيه الثقة لمن هو أوثق فشاذ، والراجح الذي رواه الأوثق يقال عنه محفوظ، وما خالف فيه الضعيف للثقة فمنكر، والراجح الذي رواه الثقة فمعروف، بعد أن اعتبروا كتاب التقريب للحافظ ابن حجر دليلا في ذلك.

وهذه هي الخطوات العامة التي يتم تدريب طلاب الدراسات العليا عليها، ورسائل الجامعات خير شاهد على ذلك.

وفي هذه المناسبة لا يسعني إلا أن أدعو الله تعالى أن يوفق إخوتي الأفاضل القائمين على هذا الملتقى، ومسؤوليه، ومشرفيه، ومشاركيه، لمزيد من الإثراء، وتجدد العطاء، وتشييد ما بناه السابقون، حتى يظل هذا الملتقى منارا شامخا ومنبعا صافيا، ومرجعا موثوقا، وقدوة حسنة، كما أدعو الله جل جلاله أن يمنهم جميعا بالإخلاص، والرفق في الأمر كله، والتوفيق للتحمل والصبر في سبيل الدفاع عن الحق إيمانا واحتسابا.

كما أتقدم بالشكر والامتنان إلى كل إخواني الذين رحبوا بهذا اللقاء مع هذا العبد الضعيف وأعلنوا حبهم لي وطرحوا أسئلتهم لطفا منهم، وتواضعا للحق، وحرصا على زيادة المعرفة، وأقول لهم جميعا: زادكم الله علما وتقوى وإخلاصا، ومتعة بالعلم والصحة والعافية، وأحبكم الله الذي أحببتموني من أجله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015