والمنهج الأول هو أولى وأحسن: وذلك أنه ينبغي له أن يبدأ بالأربعين النووية ثم يتفقه بها، ولا يذهب إلي حفظ غيرها قبل أن يتفقه في هذه النصوص التي حفظها، ولذلك كان هكذا منهج الصحابة (رضي الله عنهم): كانوا إذا حفظوا خمس آيات من القرآن الكريم علموا ما فيها من العلم وعملوا بما دلت عليه من العمل، ثم بعد ذلك تجاوزوها إلى غيرها.

هذا هو المنهج السليم: أن الإنسان يبدأ بالأربعين النووية ويتفقه فيها ويعرف ما دلت عليه من الأحكام، ثم بعد ذلك عمدة الأحكام ويتفقه أيضاً بما دلت عليه من أحكام، وبعد ذلك بلوغ المرام، وهكذا. هذه الطريق أولى وهذه السبيل أقوم.

ويلاحظ على بعض الإخوان أنهم يحفظون ويحفظون ولا يهتمون بالتفقه فيما حفظوا، ولا شك أن المقصود من الحفظ هو الفهم. ومعرفة ما دلت عليه هذه النصوص، فهذا هو المقصود الأعظم. وأما كون الإنسان يحفظ ويحفظ ولا يفهم: فلا شك أن هذا الطريق وهذا المسلك فيه تقصير وفيه نقص.

فلا شك أن الأولى والذي ينبغي هو الحفظ وبعد ذلك التفقه والفهم -فهم ما حفظ-، ثم بعد ذلك يحفظ ما بعده، وهكذا.

فكما ذكرت في جواب هذا السؤال: أنه يبدأ بالأربعين أحسن، ويبدأ بعد ذلك بعمدة الأحكام، وبلوغ المرام، أو المحرر (مثلاً).

ثم إذا أراد أن يستزيد فليحفظ مختصر مسلم ثم بعد ذلك زوائد البخاري، أو يبدأ بالبخاري ثم زوائد مسلم. ويكتفي بذلك! لأني لاحظت أو سمعت أن بعض الإخوان أيضاً يحفظ أكثر وأكبر من هذا المقدار، ولا شك أن هذا طيب ولكن لا يخفى ضعف الحفظ وضعف الهمم، ومثل هذا عندما يكون ديدنه الحفظ، هذا سوف يجعله يقصر في جانب الفهم ومعرفة ما دلت عليه هذه النصوص.

ومما ذُكر عن عبد الله بن عمر (وهذا جاء معلقاً) أنّ عبد الله بن عمر (رضي الله عنه) جلس في حفظ سورة البقرة ثمان سنين أو سبع سنوات.

فأوصي الإخوان أنهم لا يكثرون من الحفظ بدون فهم يهتمون بالفهم ثم بعد ذلك يحفظون شيئاً آخر، وهكذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015