ولدت في دمشق سنة 1344 من الهجرة 1925 ميلادية، ولا أجد ضرورة لذكر مفاخر بلدي دمشق، فهي أشهر من أن يُنَوه بها أبقاها الله ذخرًا للإسلام، وحصنًا وملاذًا للعرب والمسلمين.

ولكن اسمحوا لي أن أتحدث عن حي الميدان الذي أنا من وسطه بكلمات والإنسان ابن بيأته ـ كما هو ابن أهله وعشيرته ـ.

الميدان هو الحي الجنوبي لمدينة دمشق، وكان مجموعة قرى متفرقة، وساحات واسعة، ومنازل مشتتة ضمن البساتين ... وعند كل مدخل زقاق قبر يدعى أنه لصحابي، أو عالم، أو ولي ـ ولا شك أن بعضها ثابت ـ وأما طريقنا السلطاني الواسع فيبدأ من باب الجابية .. وينتهي ببوابة الله. لأنه طريق الحج إلى بيت الله الحرام، وزيارة مسجد رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ.

وأصبح الميدان شبه قرية كبيرة لا سور لها، ولكنها منعزلة عن المدينة دمشق، ومفارقة لما حولها من قرى ومضارب العشائر، وطرق التجارة.

وفي الميدان أبناء عشائر توطنت أيام الفتوحات وقبلها، وكنا نعرف العصبية اليمانية والقيسية حتى عهد قريب، ونعرف حيَّ عقيل وقهوةَ (العكيل) من سكان نجد، وعلى الاخصِّ أهل القصيم .. كما عندنا حارة المغاربة وخان المغاربة ممن هاجر إلينا من كل بلاد المغرب.

الحياة العلمية:

وفي الميدان تجمعات علمية وخلقية وخصوصيات وميزات متأصلة فيه، وهي باقية حتى اليوم ـ والحمد لله ـ (وأنا أتكلم عما كان أيام طفولتي وقبلها بقليل من الزمن).

فالفقه الشائع بين أبناء الشعب كافة كان فقه الإمام الشافعي .. مع وجود آثار يراها المتتبع من بقايا الحنبلية والظاهرية في المعتقد والفقه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015