قَالَ البغوي: ((كره قوم من الصحابة والتابعين إكثار الحَدِيث عَنْ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خوفاً من الزيادة والنقصان، والغلط فيه، حتى إنَّ من التابعين من كَانَ يهاب رفع المرفوع فيوقفه على الصحابي، ويقول: الكذب عليه أهون من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومنهم من يسند الحَدِيث حتى إذا بلغ به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قَالَ: قَالَ، ولم يقل: رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومنهم من يقول: رفعه، ومنهم من يقول: رواية، ومنهم من يقول: يبلغ به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكل ذلك هيبة للحديث عَنْ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وخوفاً من الوعيد)) (?).

قلتُ: هذه الأسباب التي ذكرها السخاويّ، وتبين لي خَمْسةُ أسبابٍ أخرى هي:

3 - أنْ يُعْرفَ عَنْ صحابيّ الحَدِيث تهيب الرفع أو قلته:

ومن أمثلة ذلك:

-قول حجاج بن محمد حدثنا شُعْبة قَالَ: سمعت عقبة بن وسّاج عَنْ أبي الأحوص عَنْ عبد الله عَنْ النبي ? أنّه قَالَ: ((فضل صلاة الرجل في الجميع على صلاته وحده خمس وعشرون درجة)).

قَالَ حجاج: وَلم يرفعه شُعْبة لي، وقد رَفَعَهُ لغيري، قَالَ: أنا أهابُ أنْ أرفَعَهُ لأنّ عبدَالله قَلَّما كَانَ يرفعُ إلى النبيّ ? (?).

وهذا التهيب والقلة من لَدن صحابي الحَدِيث له أسباب من أبرزها: شدة الورع، والتحرز من الخطأ وتقدم بيان ذلك في كلام البغوي قريباً.

4 - معرفةُ المخاطبين وتلاميذ الراوي بطريقة شيخهم واشتهارها عندهم:

قَالَ الأعمشُ: ((قلتُ لإبراهيم: إذا حدثتني حديثاً فأسنده فَقَالَ: إذا قلت عَنْ عبد الله -يعني ابن مسعود- فاعلم أنه عَنْ غير واحد، وإذا سميتُ لك أحداً فهو الذي سميت)) (?).

وَقَالَ خالد الحذاء: ((سمعتُ محمد بن سيرين يقول: كلّ شيء حدثتكم عَنْ أبي هُرَيرة فهو عَنْ النبي صلى الله عليه وسلم)) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015