ـ[ما هو سبب تعمد بعض الرواة لوقف الحديث؟ وهل هو مشابه لتصرف الإمام مالك في إرسال الحديث أحيانا؟ ]ـ
كنتُ كتبتُ بحثاً حول هذه المسألة بعنوان «الثِّقَاتُ الَّذِينَ تَعَمَّدُوا وَقْفَ الْمَرْفُوعِ أو إِرْسَالَ الْمَوْصُولِ» ومما جاء فيه مما يتعلق بإجابة هذا السؤال:
الرُّوَاة -من حيثُ وَقْفهم الْمَرْفُوع، وَإِرْسَالهم الْمَوْصُول - على قسمين:
1 - الضعفاء-على تفاوت درجاتهم - فهذا القسم وقفهم للمرفوع، وقصرهم للإسناد ناتج عَنْ سوء حفظهم فهو من باب الوهم والخطأ.
2 - الثِّقَات وهم في هذا الباب على قسمين:
أ- ثقات يقفون المرفوع، ويرسلون الموصول من غير عَمْد فهذا من باب الوهم والخطأ الذي لم يسلم منه أحد، قَالَ أحمد بن حنبل: ((ما رأيتُ أحدا أقلَّ خطأ من يحيى بنِ سعيد، ولقد أخطأ في أحاديث، ومن يعرى من الخطأ والتصحيفِ! )) (?)، وَقَالَ ابنُ معين: ((مَن لم يخطئ فهو كذاب)) (?)، وَقَالَ: ((لستُ أعجب ممن يحدّث فيخطئ إنما أعجب ممن يحدث فيصيب)) (?)، وَقَالَ الترمذيُّ: ((لم يسلم من الخطأ والغلط كبير أحد من الأئمة مع حفظهم)) (?)
ب- ثقات يقفون المرفوع، ويرسلون الموصول عمداً وقصداً لأسباب متعددة - وهؤلاء هم موضوعُ الْبَحْث ومقصده -، وهذه بعض أقوال النقاد الدالة على هذا النوع من الرُّوَاة:
1 - قَالَ عبدُ الرحمن بنُ مهدي حدّثنا شُعْبة عَنْ السُّدي عَنْ مُرّة عَنْ عبد الله بن مسعود ?وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا? (مريم: 71) قَالَ: يردونها ثم يصدرون بأعمالهم "، قَالَ عبد الرحمن قلتُ لشعبة: إن إسرائيل حدثني عَنْ السُّدي عَنْ مُرّة عَنْ عبد الله عَنْ النبي صلى الله عليه وسلم، قَالَ شُعْبة: وقد سمعته من السُّدي مرفوعاً ولكني عمداً أدعه.
2 - وَقَالَ الحميديُّ- بعد رواية حَدِيث " الربا في النسيئة" -: ((كَانَ سفيانُ- هو: ابن عُيينة- رُبما لم يرفعه، فقيل له في ذلك، فَقَالَ: أتقيه أحيانا لكراهية الصرف، فأما مرفوع فهو مرفوع)).
3 - وَقَالَ المروذيّ سألته -يعني أحمد بن حنبل - عَنْ هشام بن حسان؟ فَقَالَ: أيوبُ، وابنُ عون أحبّ إليّ، وحسّن أمرَ هشام، وَقَالَ: قد رَوى أحاديث رفعها أوقفوها، وقد كَانَ مذهبهم أن يقصروا بالحديث ويوقفوه (?).