وأنبه أنه من المفيد أخذ رأي المتخصيين في هذا الفن ومن لهم باع طويل فيه أمثال: الشيخ أحمد معبد عبد الكريم، والشيخ عبد الكريم الخضير، والشيخ عبد الله السعد، والشيخ سعد الحميد، والشيخ إبراهيم اللاحم، والشيخ حمزة المليباري، والشيخ خالد الدريس، والشيخ محمد التركي وغيرهم كثير ممن لم يحضرني اسمه ممن له إسهامات في هذا الفن.
وكذلك من فوائد «ملتقى أهل الحديث» طرح مثل هذه الموضوعات للمذاكرة فيها، وأقترح وضع ركن «موضوعات مقترحة للرسائل العلمية» بحيث يطرح موضوع يتم تداوله بين الأعضاء من حيث: أهمية الموضوع، أثره، أسباب دراسته، الدراسات السابقة، حدوده، خطة البحث وتفصيلاته ... ونحو ذلك من البيانات، وفي ظني أنّ طلاب الدراسات العليا -في مختلف الجامعات الإسلامية في العالم-من أول من يشارك في هذا الركن، ومن الممكن مخاطبة المتخصصين لأخذ رأيهم في هذه الموضوعات والعناوين المقترحة، ونحاول من خلال هذا الركن العناية بمنهج المتقدمين، ومعالجة بعض القضايا التي تحتاج إلى تحرير، والله الموفق.
كنت كتبتُ مقالا في مجلة البيان بعنوان «كَيْفَ نُقَرّب عِلْمَ عِلَلِ الحَدِيث لطلاب الحَدِيث ونحببه لَهُمْ؟ » وفيه إجابة على هذا السؤال وقد نبهتُ في المقال على أمرين:
الأول: التنبه لقاعدةٍ جميلةٍ نصّ عليها إمام العلل في زمانه عَلِيّ بن الْمَدِينِيّ، وهذه القاعدة يغفل عنها كثيرٌ من الناس. قال يعقوب بن شيبة: قَالَ عَلِيّ بن الْمَدِينِيّ: لا يقاس الرجل إلا بأقرانه وأهل زمانه؛ فلقد قُلْتُ مَرَّةً: سَعِيد أَعْلَم من حَمَّاد بن زَيْد، فبلغ ذَلِكَ يَحْيَى بن سَعِيد، فشق ذَلِكَ عليه؛ لئلا يقاس الرجل بمن هو أرفع منه لا يَقُول: سُفْيَانُ أَعْلَم من الشعبي، وأيُّ شيء كَانَ عند الشعبي مما عند سُفْيَان؟ وقيل لعلي بن الْمَدِينِيّ: إن إنساناً قَالَ: إنَّ مالكاً أفقه من الْزُّهْرِيّ، فَقَالَ عَلِيّ: أنا لا أقيس مالكاً إِلَى الْزُّهْرِيّ، ولا أقيس الْزُّهْرِيّ إِلَى سَعِيد بن الْمُسَيَّب، كل قوم وزمانهم.
لذا ينبغي التفطن إلى هذه القاعدة وعدم المفاضلة بين مختلفي الأزمنة، وكذلك ملاحظة - وهذا الشاهد للمقال - أنه من الصعوبة - وربما من المستحيل - أن يبرز أحدٌ في علل الحديث كما برز أولئك.