Q قام شاب مجتهدٌ في أحد المساجد وتكلم عن بعض البدع في الصلاة، وقال: من البدع قول الشخص: (أقامها الله وأدامها) عندما يقيم المقيم، فلما انتهى قام شخص آخر وأنكر عليه في نفس المسجد، وقال: هذه ليست بدعة؛ لأنها وردت في حديث ضعيف، والحديث الضعيف يؤخذ به في باب الفضائل -على حد قول الرجل هذا- ويستند على فتوى وكلام أحد المشايخ؟
صلى الله عليه وسلم قول القائل إذا قال المقيم: قد قامت الصلاة: (أقامها الله وأدامها) هو مبني على حديث ضعيف كما قال الأخ الأخير، فالحديث في هذا ضعيف؛ ولكن بعض الفقهاء أخذ به، وقال: إنه يقول كما يقول المقيم، إلا عند قد قامت الصلاة فيقول: أقامها الله وأدامها، وما دامت المسألة فيها خلاف بين علماء السنة، فلا ينبغي أن نقول لمن قالها: إنه مبتدع.
وأما قول الأخير: إنها من فضائل الأعمال، فالأحاديث الضعيفة لا تثبت بها الأحكام، ومن قال: إن الأحاديث الضعيفة يُحْتَج بها في الفضائل فمراده أنه إذا ورد الحديث الضعيف في فضيلة عمل من الأعمال ثبت بالسنة؛ لكن فيه فضل، وهذا الفضل جاء في حديث آخر ضعيف، فيقول: إننا نأخذ بهذا الضعيف؛ لأنه إن كان الثابت مأموراً به كان هذا الحديث الضعيف الذي فيه الفضيلة دعماً لهذا الأمر، فيزيد الإنسان نشاطاً.
ثم إن كان الحديث صحيحاً فهذا ما يريده الإنسان، وإن لم يكن صحيحاً فإنه لم يزده إلا قوة في الطاعة.
وإذا كان الحديث نهياً، وورد فيه تحذير عن هذا الفعل في حديث ضعيف فهذا التحذير إن كان صحيحاً فالإنسان قد سلم من هذه العقوبة، وإن كان غير صحيح فهذا لا يزيده إلا بُعداً عن المعصية، وهو أمر مطلوب.
فالحاصل أن الحديث الضعيف لا يمكن أن يُثْبَت به حكم من الأحكام، حتى عبارة (قد قامت الصلاة) لا نثبتها بالحديث الضعيف.
فمن لم يصح عنده الحديث، فإنه لا يقوله، ومَن رأى أن الحديثَ حَسَنٌ وأنه حجةٌ قالَهُ.
ولذلك يقول العلماء: لا يجوز الاحتجاج بالحديث الضعيف إلا بشروطٍ ثلاثة: الأول: ألا يكون الضعف شديداً.
الثاني: أن يكون لهذا العمل الذي فيه الفضل، أو التحذير أصلٌ ثابت.
الثالث: ألا يعتقد أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قالَهُ.
وليس الاحتجاج بالضعيف على إطلاقه، بل يُحْتَج بالضعيف في باب الترغيب وفي باب الترهيب بشرط: أن يكون لهذا المُرَغَّب فيه أو المُحَذَّر عنه أصلٌ ثابت.
وأظنكم سمعتم الآن الأذان، وهو الحد الفاصل لهذه الجلسة.
وإلى جلسة أخرى إن شاء الله تعالى، وسيكون إن شاء الله الكلام فيها عن الحج، وما يتعلق به؛ لقُرْبِ موسم الحج.
نسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياكم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.