Q فضيلة الشيخ! كيف يجمع بين أن الدعاء يردُّ القدر، وأن الأمور جميعَها مقدرةٌ قبل خلق السماوات والأرض؟
صلى الله عليه وسلم نجيب بأن الله سبحانه وتعالى مقدِّرٌ للأشياء قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وقدَّر أن هذا الشيء الذي كان بصدد أن يحدث من البلاء قد قُدِّر ما يمنعُه وهو الدعاء، فيكون الدعاء مُقَدَّراً، وكذلك ما كان بصدد النزول من البلاء مقدراً.
فيكون هذا الشيء الذي امتنع أو ارتفع من البلاء بعد نزوله بسبب الدعاء يكون قد قُدِّر من الأصل أنه سيرتفع بهذا الدعاء، أو أنه سيمتنع بهذا الدعاء.
فالدعاء مكتوب من الأول، والبلاء مكتوب من الأول.
فإذا دعا الإنسان أن يرفع الله عز وجل البلاء بعد نزوله، فارتفع بدعائه -كما هو مشاهَدٌ الآن؛ يدعو الإنسان فيرتفع البلاء- فهذا معناه أن الله قد كتب في اللوح المحفوظ أن هذا البلاء سينزل ويرفعه الدعاء.
إذاً: كلٌّ منهما مكتوب، البلاء المتوقَّع نزوله يمتنع بالدعاء، فيكون هذا البلاء الذي كان بصدد النزول قد قدر الله له دعاءً يمنعه، ولهذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام إذا كسفت الشمس أو القمر أن نفزع للصلاة والدعاء؛ لأن الله ينذرنا ببلاء سينزل، ولهذا قال: (يخوف الله بهما عباده) ولم يقل: ينتقم الله بهما من عباده؛ لكنه تخويف وإنذار من الله عز وجل، فإذا صلينا ودعونا الله فإن هذا الذي أُنذرنا به بهذا الكسوف يمنعه الله عز وجل.
كما أن الدعاء نفسه عبادة سواء أُجيب أم لَمْ يُجَب، وما من إنسان يدعو الله بصدق إلا أعطاه الله تعالى واحدة من ثلاث: إما أن يعطيَه ما سأل.
أو يكفَّ عنه من الشر ما هو أعظم.
أو يدخرَ ذلك له عنده يوم القيامة ثواباً.