Q هناك شاب ملتزم ويلاعب الصغار من الحارة والشباب، فينصحه الإخوان بأن هذا لا يليق بك؛ لأنك إنسان متمسك، ويقولون: إنهم عصاة؛ لأنهم يتلفظون بألفاظ قبيحة وربما يصل بعضهم إلى ترك الصلاة لكن ليس بالكلية، فلا أدري هل يجوز له ملاعبتهم أم لا؟
صلى الله عليه وسلم أولاً: يجب على الإنسان أن يبتعد عن مواقع الريب، وكون هذا الرجل يعاشر الصبيان والغلمان يبقى محل تهمة عند الناس، فيجب عليه البعد عن هذا، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قال عن نفسه وكانت معه زوجته: صفية بنت حيي، وذلك أنه عليه الصلاة والسلام كان معتكفاً فجاءته زوجته صفية وتحدثت عنده ساعة، ثم قامت لتذهب إلى مكانها، فقام عليه الصلاة والسلام يمشي معها فمر رجلان من الأنصار فأسرعا المشي لما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم ومعه امرأته خجلاً وحياءً، فقال صلى الله عليه وسلم: (على رسلكما إنها صفية بنت حيي فقالا: سبحان الله! -يعني: نحن لا نظن شيئاً- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شراً أو قال: شيئاً) مع أن المسألة أبعد مما بين السماء والأرض في أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم محلاً لما لا يليق به صلى الله عليه وسلم فكيف بغيره.
فنصيحتي لهذا الأخ الملتزم أن يبتعد عن مواطن الريب ليسلم عرضه ويسلم دينه، ثم إني -أيضاً- لا آمن عليه أن يلقي الشيطان في قلبه ما يلقي من الشر مع كثرة مخالطته هؤلاء الصبيان ومعاشرتهم.
نعم، لو فرضنا مرةً من المرات -مثلاً- مزح مع أحد منهم فهذا لا بأس به مع سلامة القلب، فإن الرسول عليه الصالة والسلام كان يلاطف الصبيان ويمزح معهم، وقصته مع الصبي الذي كان عنده طائر صغير يسمى النغير، وهذا الطائر كان مع هذا الصبي يفرح به ويلعب به، فمات هذا الطائر فحزن عليه الصبي، فكان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول لهذا الصبي: (يا أبا عمير! ما فعل النغير؟) .
أما معاشرتهم أي: معاشرة الصبيان والغلمان فإني أشير عليه أن يدعها ليسلم عرضه ويسلم دينه، حتى من باب الدعوة لا يعاشرهم، لكن يأتي إليهم ويدعوهم ويكون معه أناس آخرون بحيث لا ينفرد بهم.