Q هل دعوة التبليغ في باكستان دعوة حقيقية، وهل تشجعنا على أن نذهب إلى باكستان رغم ما يقوله بعض الناس: إن هذه ليست صحيحة وفيها شبهة، ونريد منكم أن تدلونا على ما فيه الخير؟
صلى الله عليه وسلم أولاً: الذين يسمون أنفسهم جماعة التبليغ هم الذين يذهبون إلى باكستان وغيرها للدعوة إلى الله ونحن لا نتهمهم بسوء النية والقصد، وهم لا يريدون بالذهاب إلا الخير لا شك، لكن هذا الذهاب صار سبباً ووسيلة للقدح في هذه الجماعة، وصاروا يقولون: إنهم يذهبون إلى هناك ليأخذوا العلم والإيمان عن قوم هناك، وعندنا والحمد لله من هم أعلم منهم، ومن هم أقوى إيماناً، ثم إن هؤلاء القوم فيهم شبهة؛ لأنهم بنوا أصولهم على غير الأصول التي بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها الدين، فهم بنوا أصولهم على أمور ستة، من يقرأها لنا؟ 1- تحقيق لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
2- الصلاة ذات الخشوع والخضوع.
3- العلم مع الذكر.
4- إكرام المسلمين.
5- تصحيح النية.
6- الدعوة إلى الله والخروج في سبيله.
لو أنهم بنوا هذا الأمر على ما بناه عليه الرسول صلى الله عليه وسلم لكان خيراً لهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام) ولا أظن أحداً يكون في قلبه أدنى شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بما يبنى عليه الإسلام، وأنه أنصح الخلق، وأنه أفصح الخلق، وقال: (الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خير وشره) وقال: (الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) .
لهذا أنا أنصح إخواني من أهل التبليغ، وأكرر عليهم النصيحة ألا يذهبوا إلى باكستان أولاً: دفعاً عن أعراضهم؛ لأن الكثير من الإخوة إذا أثنينا على جماعة التبليغ، وقلنا: إن لهم تأثيراً لم يقم به أحد غيرهم، وتأثيرهم واضح، كم من ضال اهتدى على أيديهم، وكم من فاسق أطاع على أيديهم، بل وكم من كافر آمن على أيديهم، قالوا: هؤلاء فيهم وفيهم، ومن جملة ما يجعلونه سبباً للقدح سفرهم إلى باكستان.
فأنا أكرر نصيحتي لإخواني الذين يوجدون في الجزيرة بألا يذهبوا إلى باكستان، ويجتمع بعضهم مع بعض والحمد لله في مكة في الحج أو في العمرة، في رمضان أو في غير رمضان، أما أن يذهبوا إلى بلاد اشتبه حقيقة ما هم عليه، ومن يديرون دفة الأمر فيها، فهذا لا ينبغي.
شيء آخر أنصح به إخواننا جماعة التبليغ وهو: الحرص على العلم، والتعلم بقدر ما يستطيعون، فبقدر ما يجتهدون في الدعوة إلى الله، والاتصال بالناس، وزيارتهم، ودعوتهم إلى الحق جزاهم الله خيراً ونفع بهم، نقول: بقدر ذلك لابد أن يتعلموا، فيحضرون مجالس العلماء الذين وهبهم الله سبحانه وتعالى علماً وتعليماً ولو في الأسبوع مرة، ليعرفوا شيئاً مما يجهلونه كثيراً؛ لأن هذا أيضاً مما ينقمه الناس عليهم بأنهم بعيدون عن العلم، وإن كان بعضهم يقول: إنهم لا يحبون المناقشة في العلم إطلاقاً بل يحبون أن تمشي الأمور على ما هي عليه، وهذا لا شك أنه نقص شديد ومأخذ على جماعة التبليغ، فلو أنهم يحرصون أيضاً على العلم لكان خيراً.
العلم ليس في كتب الفضائل فقط، كتب الفضائل تنمي الإيمان وتزيد في قوته، لكنها ليست هي العلم، لابد من معرفة الأحكام كما نعرف الرقائق التي ترقق القلوب، فهذا أيضاً مما ينقم عليهم.
وأما مسألة تحديد الخروج بثلاثة أيام، أو أربعة أيام، أو شهر، أو شهرين، فأنا لا أنقمه على جماعة التبليغ لأن هذا قد يكون من باب الوسائل، أي من باب أنهم يرون أن تحديد المدة وسيلة لاستصلاح الرجل الخارج معهم والوسائل ليس لها حد شرعي، فكل ما أدى إلى المقصود فهو مقصود ما لم يكن منهياً عنه بعينه، فإن كان منهياً عنه بعينه فلا نقربه.
فلو قال قائل: أنا أريد أن أدعو شخصاً بالغناء والموسيقى؛ لأنه يطرب لها ويستأنس بها وربما يكون هذا جذباً له فأدعوه بالموسيقى والغناء هل نبيح له ذلك؟ لا.
لا يجوز أبداً، لكن إذا كانت وسيلة لم ينه عنها ولها أثر فهذه لا بأس بها، فالوسائل غير المقاصد، وليس من اللازم أن ينص الشرع على كل وسيلة بعينها يقول: هذه جائزة وهذه غير جائزة، لأن الوسائل لا حصر لها، ولا حد لها، فكل ما كان وسيلة لخير فهو خير.
لذلك أنا أكرر مرة أخرى: أن يحرص إخواني من جماعة التبليغ على أن يتلقوا العلم ويقرءوا كتب من يثقون بعلمه ودينه حتى ينتفعوا بها، وأما مجرد الاقتصار على الرقائق التي ترقق القلوب فهذا لا شك أن فيه خيراً، لكنه لا يكفي في ثقافة المسلم.