نعود إلى الدرس في التفسير يقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} [الحديد:28] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} المراد بهم هذه الأمة.
فيكون قوله: {اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ} يعني: اثبتوا على الإيمان لا جددوا الإيمان، لأن الإيمان قد حصل حيث قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فيكون المعنى: يا أيها الذين آمنوا بقلوبكم! اتقوا الله بجوارحكم! {وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ} أي: حققوا الإيمان واثبتوا عليه، وليس كل من آمن يكون مؤمناً حقاً، وهذا هو ما يعنيه العلماء بقولهم: هذا نفي كمال الإيمان، مثل قوله: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) ليس المراد نفي مطلق الإيمان بل نفي الإيمان الكامل.
وقد زعم بعض المفسرين: أن هذه الآية في أهل الكتاب، لأنه قال: {وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ} ولكن هذا قول ضعيف جداً، ولا يمكن أن ينادي الله عز وجل أهل الكتاب وهم كفرة بوصف الإيمان أبداً، يعني: لا يمكن أن يكون المراد بقوله: يا أيها الذين آمنوا، لا يمكن أن يكون اليهود والنصارى، لأنهم حين نزول القرآن إذا بقوا على يهوديتهم ونصرانيتهم فليسوا مؤمنين.
{اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ} والمراد برسوله هنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والإيمان بالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يتضمن الإيمان بجميع الرسل، كما قال عز وجل: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} [البقرة:285] يعني في الإيمان به لا في الاتباع، في الاتباع نفرق بين الرسل، من نتبع منهم؟ محمد صلى الله عليه وسلم لكن الإيمان كلهم على حد سواء، نؤمن بأنهم رسل الله حقاً.