Q من المعلوم أن مقاصد الشريعة الكلية تزكية النفوس، ولكن نرى بين أوساط الشباب وخاصة ما يطلق عليهم الدعاة إلى الله يعني: الموجهين للناس، يتعلم العلم الشرعي لا لتزكية النفس، وإنما ليماري به السفهاء، ويجاري به العلماء.
الشيخ: لا حول ولا قوة إلا بالله، إنا لله وإنا إليه راجعون.
السائل: فتكثر وتتغلغل الفتن بكل سهولة بين أوساط الشباب يا شيخ! فالتفرقة واقعة، وأهل الدين الذين يريدون النصر لدين الله والعلو له، يتذمرون من هذا الشيء، فما هو الحل الجذري لهذه المشكلة، إن الناس عندما تتأمل الواقع لا ترى فيها ديناً وإنما أي فتنة تتخللهم وتتغلغل فيهم، فما هو الواقع السليم الذي يجب أن يطبق حتى ترتفع هذه الظاهرة؟
صلى الله عليه وسلم الواقع السليم تقوى الله عز وجل، الذي يرفع هذا الأمر هو تقوى الله عز وجل، وأن يعلم المفتي أنه أجرؤ الناس على النار، كما جاء في الأثر: [أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار] .
وليعلم المفتي أنه يتكلم عن الله عز وجل، فليحذر أن يقول على الله ما لا يعلم، لكن المشكل كما تفضلت: أن بعض الناس يريد أن يجاري العلماء، ويماري السفهاء، ويجعل لنفسه منصباً، وكما يقول العوام: (خالف تذكر) وهذه مشكلة، هذا عمله حابط وما تجر فتواه من مخالفة الشريعة فإثمه عليه.
والحمد لله -يا أخي- أنت في سعة في حِلَّ، كان الصحابة يتدافعون الإفتاء حتى ترجع المسألة إلى الأول، وما بالنا نتعجل السيادة، إن أراد الله أن تكون إماماً للمسلمين أو للمتقين سيحصل لك، لكن ثق بأنك لن تكون إماماً للمتقين وأنت تقول على الله ما لا تعلم، أو تسلك بنيات الطريق لتذكر، ويقال: قال فلان قال فلان.
فما أرى حلاً لهذا إلا تقوى الله عز وجل، ويعلم الإنسان أن أي كلمة تصدر منه فهي مكتوبة، وأي كلمة يكون بها ضرر الناس فهو مسئول عنها وعليه إثمها وإثم من اتبعها.
السائل: نتيجة هذا الأمر يا شيخ! أن هناك في بعض الإخوان والجماعات الدعوية لا يوجد لديهم كفاية من العلم وكذا تجد منهم التحمس الزائد عن حده الذي يفسد الأمر من أصله، وبعضهم مقصر جداً، وكل ذلك ناتج عن بعض الموجهين أو التمسك بفتاوى من غير أمر يقتضي هذا التمسك، تأتي فتوى على عاتقها فتتمسك بها هذه الجماعات وأخرى تنبذها وهكذا يا شيخ! فما هو الحل؟ الشيخ: كما قلت لك يا أخي! الحل التقوى.
السائل: من الناحية العلمية يا شيخ.
الشيخ: حتى من الناحية العلمية، أما من ناحية الشباب الذين لا يتصدرون لهذا نقول: احذروا أنصاف العلماء، قال شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه: الفتوى الحموية يقال: ما أفسد الدنيا والدين إلا نصف متكلم ونصف فقيه ونصف نحوي ونصف طبيب.
فنصف المتكلم أفسد الأديان، ونصف الفقيه أفسد البلدان، ونصف النحوي أفسد اللسان، ونصف الطبيب أهلك الأبدان، وهذا صحيح يجب أن يحذر من هؤلاء ويحذر منهم أيضاً ويقال: الحمد الله عندكم علماء راسخون اسألوهم.
ولهذا قال بعض السلف: [إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم] .
ثم إن بعض المتحمسين لو فكرت في أحوالهم لوجدت عندهم تقصيراً كثيراً في أمور كثيرة، وكم من نساء الآن يبكين ندماً حين تزوجن ملتزمين ووجدن أنهم من أسوأ الناس معاملة لزوجاتهم، مع أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) يحتج هذا المسكين يقول: الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن النساء عوان عندكم) والعواني: جمع عانية وهي الأسيرة، ولكن يقال: الرسول قال هذا حثاً على الرفق بهن، لا فتحاً لأبواب الاسترقاق لهن.
إلى الله المشتكى يا إخوة! الله المستعان.