من آداب الصيام: أن يعتني الإنسان بآدابه التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فمنها: أكلة السحور، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (تسحروا فإن في السحور بركة) أمر وبين الحكمة، (تسحروا) هذا فعل أمر (فإن في السحور بركة) هذا بيان الحكمة من هذا الأمر بالسحور.
من بركة هذا السحور: أولاً: أن فيه امتثال أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولا شك أن امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم خير وبركة، قال الله عز وجل: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران:31] هذه المباركات.
ثانياً: من بركة هذا السحور: أنه فصل ما بيننا وبين صيام أهل الكتاب، لأن أهل الكتاب لا يتسحرون، يأكلون الطعام قبل منتصف الليل ويبدءون بالصوم من منتصف الليل إلى منتصف النهار، لكن المسلمين يأكلون السحور في آخر الليل.
ثالثاً: من بركته أنه يغذي الجسم طوال النهار، ويحمل على الصبر عن الأكل والشرب، حتى في أيام الصيف الطويلة الحارة، بينما الإنسان في غير الصيام تجده يشرب في اليوم خمس ست مرات، ويأكل مرتين، لكن هذا السحور يجعل الله فيه بركة فيتحمل الجسم.
رابعاً: من بركة السحور: أنه عون على طاعة الله، يعني على الصيام، وكل ما كان عوناً على طاعة الله فهو خير وبركة، أهم شيء الآن الذي أريد أن نفعله، عندما يقدم لك السحور استشعر الآن عندما تأكل أنك تمتثل أمر الرسول عليه الصلاة والسلام، ليس مجرد أكل من أجل تتقوى على الصوم.
ثانياً: استشعر بأنك تتأسى به؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يتسحر ثم يقوم إلى الصلاة، وبين سحوره وبين الصلاة مقدار خمسين آية، يعني: يؤخر السحور عليه الصلاة والسلام، استشعر هذا -يا أخي- حتى يكون أكلك عبادة.
أيضاً: استشعر أمراً آخر وهو أنك بهذا تخالف أهل الكتاب، فهم في مثل هذا الوقت صائمون؛ لأنهم يصومون من منتصف الليل أما أنت الآن تأكل، مخالفة لهم، لأن مخالفة أهل الكتاب رضاً لله عز وجل، فإنهم أعداء الله فمخالفتهم رضاً لله تبارك وتعالى، وموافقتهم يخشى أن ينزل على الإنسان فيه السخط، ولهذا نهى عمر رضي الله عنه عن دخول الكنائس حين يتعبد فيها النصارى وقال: [أخشى أن تنزل عليكم السخطة] .