وينبغي لطالب العلم أن يدعو إلى الله تعالى بعلمه, بل يجب أن يدعو إلى الله تعالى بعلمه, لأن الله تعالى إذا علمك علماً فقد أخذ عليك ميثاقاً أن تبينه وتدعو إلى الله به, قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران:187] , ورجل لا يدعو الناس بعلمه كتابه خير منه, لأن الكتاب قد ينتفع به في المستقبل, وأما هذا الذي لا يدعو فإنه حجر غير نافع, فالواجب على كل من آتاه الله علماً أن يبلغه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية) لا تقل أنا ما وصلت إلى حد الاجتهاد, متى علمت المسألة وتيقنتها فعلم الناس إياها, وبلغهم إياها, ولا تحقر نفسك، فإنك إذا علمت شخصاً وانتفع، وعلمه آخر وانتفع، صار لك مثل أجورهم, فالدال على الخير كفاعل الخير.
ولكن في هذا الحال يجب التثبت من العلم؛ لأن بعض الناس يدعو وهو يظن أنه عالم وليس بعالم, فالواجب أن تتثبت إما من عالم تثق به وإما إذا كان عندك ملكة تستطيع أن تفهم المسائل من الكتب فافعل, وينبغي لطالب العلم أن يحرص على نشر علمه في كل مناسبة, في المجالس, في المجتمعات, في الصحف والمجلات, في المطويات والرسائل, المهم أن ينشر علمه ما استطاع؛ لأنه إذا فعل ذلك كسب خيراً كثيراً, وصار خيره أفضل من خير التاجر الذي يبذل المال ليلاً ونهاراً لمن ينتفع به, والعلم ليس له مئونة في نشره وبيانه, ولا ينقص في بذله بل يزيد كما قيل في العلم:
يزيد بكثرة الإنفاق منه وينقص إن به كفاً قبضتَ