Q سمعنا أنكم تنصحون طالب العلم الملتزم بالدراسة على شيخ معين ممن يثق في علمه وأمانته, فإذا كان عند هذا الشيخ مسألة تخالف الدليل فهل يأخذ بها هذا الطالب على اعتبار أنه مقلد, أو يخالفه في بعض المسائل التي يرى الصواب فيها عند غيره, أفتونا مأجورين؟
صلى الله عليه وسلم هذا سؤال غير وارد, لأنه لم يثق بهذا في علمه وأمانته, فمعنى ذلك أنه يعلمه بالدليل, وإذا كان كذلك كيف يأتي الطالب بالدليل من شيخ آخر؟! نعم له الحق إذا علم من شيخ آخر أنه يقول بخلاف شيخه وأتى بالدليل, أن يورد هذا على شيخه, فيقول: سمعت عالماً يقول هذا الحكم كذا والدليل قوله تعالى أو قوله صلى الله عليه وسلم, وينظر رأي الشيخ, لأن بعض العلماء أحياناً يقول بالحق بحسب ما يفهم من الحق فيفوته إما العلم وإما الفهم, وهذا واضح الآن خصوصاً في الإخوة الذين -جزاهم الله خيراً- ينتسبون إلى الأخذ بالحديث, تجده يفهم الحديث على غير مراده, فجعل يفتي به, أو يفهم الحديث، وهناك حديث آخر مخصص أو مقيد أو ناسخ وهو لا يعلم به, فإذا كنت واثقاً من عالم وتلقيت العلم عنده واعتبرته شيخك, وأنه الواسطة بينك وبين شريعة الله, فإذا سمعت من عالم آخر يخالف قوله ويذكر الدليل أورده على شيخك, ربما يقول شيخك نعم, هكذا ورد, لكن هذا الحديث يخصصه الحديث الآخر.
مثال ذلك: سمعت شيخاً يقول: كل ما خرج من الأرض ففيه زكاة، قليلاً كان أو كثيراً, لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فيما سقت السماء العشر, وفيما سقي بالنضح نصف العشر) , الآن حكم واستدل, حكم بماذا؟ أن بكل ما سقي ففيه العشر إذا كان سقته السماء, وفيما سقي بالنضح نصف العشر, ظاهر الحديث أنه سواء كان قليلاً أو كثيراً وسواء كان من الحبوب والثمار أو من الفواكه أو من غير ذلك, وأنت سمعت عالماً يقول هذا الكلام كل ما خرج من الأرض ففيه الزكاة قليله وكثيره، إما العشر أو نصف العشر، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: (فيما سقت السماء العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر) وأنت سمعت من شيخك أنه لا تجب الزكاة إلا فيما كان خمسة أوسق فأكثر, العالم الذي قال لك فيما سقت السماء العشر, حكم بما ظهر له، عنده حديث عام غير مقيد ولا مخصص, لكن معلمك عنده علم أوسع، قال هذا الحديث عام مخصص فيما بلغ النصاب, الذي يبلغ فيه النصاب فيه الزكاة وما دونه ليس فيه زكاة.
السائل: إذا كان يعتمد على الكتب والأشرطة؟ الشيخ: لا يخالف الكتب والأشرطة، إذا كنت تعرف صوت العالم وأنت تثق بعلمه وأمانته فخذ به, لكن كلامي أن إنساناً -مثلاً- وثق بعالم وصار يتتلمذ على يديه ويحضر دروسه ويقرأ عليه ويعتمد قوله, سمع عالماً آخر يقول بخلاف قوله ويستدل, ليس له الحق أن يذهب إلى العالم الثاني حتى يراجع شيخه, فإذا راجع شيخه فقد يكون عنده علم أكثر من العلم الأول.