الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين, وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, أما بعد: فهذا هو اللقاء الثاني عشر بعد المائتين من اللقاءات التي تسمى لقاء الباب المفتوح, التي تتم كل يوم خميس وهذا الخميس هو الرابع والعشرون من شهر ربيع الأول عام 1420هـ.
نبتدئ هذه الجلسة بما اعتدناه من تفسير القرآن الكريم.
وإني أقول لكم -أيها الإخوة-: إن القرآن الكريم نزل على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ووصفه الله بأنه مبارك, وبيّن الحكمة من إنزاله فقال جل وعلا: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص:29] وهذا يعني: أنه لابد للمسلمين من أن يتدبروا القرآن, ويتفهموا معناه, وإلا لكانوا كالذين لا يقرءون, لأن الذي لا يفهم المعنى كالذي لا يفهم الوقت, قال الله عز وجل: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ} [البقرة:78] فوصف هؤلاء الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني, أي: إلا قراءة, وصفهم بأنهم أميون أي: كالذي لا يقرأ ولا يكتب.
لذلك أحثكم -أيها الإخوة- ومن بلغه كلامي هذا على تدبر القرآن وتفهم معناه, لكن لا يقول فيه أحد برأيه بدون علم, لأن من قال برأيه في القرآن فليتبوأ مقعده من النار, وقد أخطأ ولو أصاب, والحمد لله كتب التفسير موجودة, لكن المراد الكتب التي يوثق بها وبمؤلفيها, لأن الذين تناولوا تفسير القرآن لهم مناهج ولهم مذاهب كلٌ منهم يحمل الآيات على مذهبه الذي كان يتبعه, فتجد تفسير المعتزلة يوافق منهج المعتزلة وآراءهم وعقائدهم, وكذلك الخوارج, وكذلك غيرهم من أهل الأهواء والبدع, لكن عليكم بالكتب الموثوق بها كـ تفسير ابن كثير وتفسير السعدي رحمه الله, فإنهما خير ما نعلم مما يتداوله الناس بينهم اليوم.