Q رجل ألح عليه ابنه بشراء سيارة، فذهب إلى إحدى الشركات وطلبوا منه الثمن نقداً وليس عنده فرجع وأتى بشخص آخر يشتريها له فاشتراها وأخرجها من محلها ثم باعها لهذا الرجل بزيادة فما الحكم؟
صلى الله عليه وسلم الصورة الآن واضحة لكم، إنسان احتاج إلى سيارة وليس معه نقد فجاء رجل آخر وقال: أنا أشتريها بنقد من الشركة وأبيعها عليك بتقسيط زائد على الثمن الذي اشتريتها به، والجواب: أن هذا حرام، وأنه حيلة على الربا؛ لأن هذا الذي اشتراها ثم باعها عليك حقيقة الأمر أنه أقرضك ثمنها بفائدة، فبدلاً من أن يقول: خذ الثمن يقول: هذه خمسون ألفاً وعليك بستين ألفاً إلى سنة، قال: أنا أشتريها وأبيعها عليك، ولولاك ما اشتراها، ولولا الربا الذي يكسبه منك ما اشتراها، فهي في الحقيقة ربا، ولكنه ربما يتضمن خداع رب العالمين عز وجل، وأنه لما حرم الربا الصريح ذهب هذا الرجل يحتال ويغير الصورة فقط، وتغيير الصورة لا يقلب الشيء الحرام حلالاً.
فهاهم أصحاب السبت الذين حرم الله عليهم الصيد من البحر في يوم السبت، ابتلاهم الله عز وجل فصارت الحيتان يوم السبت تأتي على سطح الماء من كثرتها، وفي غير يوم السبت لا تأتي، فطال عليهم الأمد، يوم السبت حرم علينا الصيد والحيتان تأتي شرعاً وفي غير يوم السبت ما تأتينا اصنعوا حيلة، فصاروا يضعون شباكاً يوم الجمعة، فتأتي الحيتان في يوم السبت وتقع في هذه الشباك ولا تستطيع الخروج، فإذا كان يوم الأحد جاءوا وأخذوها من الشباك، صورة الأمر الواقع أنهم صادوا يوم الأحد، وما صادوا يوم السبت، فهي التي جاءت ووقعت في الشباك، ما جاءوا بها ولا أمسكوا بها فهل نفعتهم هذه الحيلة، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ} [البقرة:65] فجعلهم معتدين في السبت، {فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة:65] .
أمرهم الله أمراً كونياً أن يكونوا قردة خاسئين فصاروا قردة يتعاوون وكانوا بالأمس بشراً؛ لأنهم تحايلوا على محارم الله، ولهذا قال لنا نبينا صلى الله عليه وسلم: (قاتل الله اليهود؛ لما حرم الله عليهم شحوم الميتة أذابوا الشحم ثم باعوه وأكلوا ثمنه) ، وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد في المسند بإسناد صححه بعض الأئمة: (لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل) ، فهذه المعاملة كما ذكرت لا شك أنها معاملة فيها حيلة على الربا واضحة، فهي حرام على الفاعل المعطي للربا، وعلى الآخذ لهذا الربا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا، وموكله، وشاهديه، وكاتبه.
السائل: والحل جزاك الله خيراً؟ الشيخ: الحل أن يتوب إلى الله كل منهما، أما بالنسبة لمن اشترى السيارة ثم باعها لهذا بزيادة، فإن من تمام توبته ألا يأخذ الزيادة من هذا، وما دام الثاني الذي أخذ السيارة جاهلاً فليس عليه إلا أن يسلم الثمن الأصلي لهذا الرجل، أما إذا كان كل منهما عالماً أنه حرام؛ فإن البائع الذي أخذ الزيادة لا يحل له أخذها، ولكن تجعل في بيت المال ولا توضع عن المشتري؛ لأن المشتري منتهك للتحريم، وفرق بين المنتهك للتحريم وبين الجاهل، فإذا كان كل منهما جاهلاً فالطريق الآن أن يقول الذي باعها بربح أو بربا في الحقيقة أن يقول: أنا يكفيني رأس مالي ولا أريد غيره.
وإلى هنا ينتهي هذا المجلس وهذا اللقاء، وأسأل الله عز وجل أن يجعله نافعاً وإلى لقاء قادم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.