Q ما هو الضابط الذي به نعرف أن هذا العمل منهي عنه -باطل- حيث أننا نرى بعض أهل العلم يصححون عملاً منهياً عنه ويبطلون آخر؟ الشيخ: مثل؟ السائل: لا يحضرني الآن يا شيخ.
الشيخ: يجب أن نعلم أن العبادات الأصل فيها المنع، فكل من تعبد لله بشيءٍ عقيدة أو قول أو عمل فإن عمله باطل إلا أن يقيم دليلاً على أنه مشروط، هذا هو الأصل، ودليل هذا قول الله تبارك وتعالى منكراً على الذين يشرعون ما لم يرسل الله به سلطاناً: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى:21] فأنكر عليهم، وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) هذه القاعدة: الأصل في العبادات المنع والتحريم والبطلان ما لم يقم دليلاً صحيحاً عليه.
وأما غير العبادات فالأصل فيها الحل، كالمعاملات الجارية بين الناس، والعادات الجارية بين الناس، والأخلاق الجارية بين الناس، الأصل فيها الحل حتى يقوم دليل على المنع، فهاتان قاعدتان بهما توزن جميع الأعمال التي لا يعرف لها سابق، فمثلاً: صلاة التسبيح حديثها ليس بصحيح، بل هو باطل كما صرح به شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وعلى هذا فلا تسن، يعني: لا يمكن أن نعمل عملاً يقربنا إلى الله إلا بدليل.
كذلك: صلاة الحاجة، الإنسان إذا كان له حاجة صلى ركعتين ثم سأل الله على صفة مخصوصة معروفة، هذه أيضاً ليست صحيحة.
كذلك: الاحتفال بالمولد النبوي كما يزعمون، هذا أيضاً باطل لا يصح؛ لأنه أولاً من الناحية التاريخية ليس بصحيح؛ لأن ولادة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اختلف فيها المؤرخون على ثمانية أو سبعة أقوال، وقد حقق بعض المعاصرين: أنها كانت في اليوم التاسع من شهر ربيع الأول، عكس ما هو معروف الآن أنه في اليوم الثاني عشر، وحتى لو فرضنا جدلاً ثبوت الولادة في هذا اليوم، فإنه لا يجوز أن تتخذ عيداً.
السائل: أنا أقصد العمل المنهي عنه يا شيخ.
الشيخ: ما في عمل منهي عنه إلا الشرائع، فالعبادات الأصل فيها النهي والمنع حتى يقوم دليل على أنها مشروعة، نضرب لك مثالاً: لو أن إنساناً طاف بالكعبة وصار يمسح جميع الأركان الأربعة، قلنا: أما الحجر الأسود فهو الركن اليماني، فهذا مشروع، وأما الاثنان فاستلامهما غير مشروط، فيكون منهيٌ عنه مبتدئاً، ولهذا لما طاف معاوية وابن عباس رضي الله عنهما بالبيت جعل معاوية يستلم كل الأركان، فأنكر عليه ابن عباس، فقال معاوية: [ليس شيءٌ من البيت مهجوراً.
فقال له ابن عباس: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ولقد رأيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يستلم الركنين اليمانيين] فرجع معاوية إلى قول ابن عباس.
السائل: حضرني مثال يا شيخ: (لا صلاة بحضرة الطعام) هذا عمل منهي عنه، هل هذا يبطل الصلاة، وما هو الضابط فيه؟ الشيخ: نرجع إلى القواعد، (لا صلاة بحضرة الطعام) لماذا؟ السائل: لأجل الانشغال.
الشيخ: إذاً لو صلى الإنسان وهو لا يأبه بهذا الطعام ولا يشوش له، يدخل في النهي؟ ما دام أننا عرفنا العلة فإنه لا يدخل في النهي، بقي إذا كان يصلي وهو جائع -يريد أن يأكل- نقول: غاية ما فيه أنه انشغال القلب وأكثر العلماء يقولون: إنه لا يبطل الصلاة.
ويستدلون بالحديث: (إن الشيطان يأتي لابن آدم وهو يصلي يقول: اذكر كذا في يوم كذا) وعلى رأي من يقول: إن الخشوع واجب في الصلاة، يقول: إذا أدى حضور الطعام الذي يشتهيه إلى أن ينشغل قلبه عن الصلاة بحيث لا يدري ما يقول فصلاته باطلة.