Q هل النهي عن الشرب الماء واقفاً للتحريم؟
صلى الله عليه وسلم هو على أصل التحريم، ولكن يظهر من فعل الرسول عليه الصلاة والسلام أنه ليس للتحريم وإنما هو للكراهة، وهذه المسألة اختلف فيها الأصوليون إذا ورد فيها النهي مطلقاً هل هو للتحريم أو لا؟ وإذا ورد الأمر مطلقاً هل هو للإيجاب أو للاستحباب؟ وليس هناك ضابط بيّنٌ يحسم الموضوع، لكن الشيء الذي يجب علينا أن نسلكه: أننا إذا سمعنا أمر الله ورسوله ما نقول: هل هو للاستحباب واللزوم، ما نقول هذا؛ لأن الله يقول: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:36] ولا عهِدنا أن الصحابة رضي الله عنهم إذا أمرهم الرسول بأمر أنهم يقولون: هل هذا مؤكد -يا رسول الله- للوجوب أو للاستحباب، كانوا يمتثلون على الفور، إلا إذا شكوا هل الرسول أمر به تعبداً أو أمر به مشورة؟ فهنا يسألون كما جرى لـ بريرة مع زوجها مغيث، فإن بريرة أَمَة مملوكة، عتقت والمملوكة إذا عتقت وزوجها مملوك خيرناها إن شاءت بقت معه وإن شاءت فسخت النكاح، خيّرها النبي صلى الله عليه وسلم هل تحب أن تبقى مع زوجها، أو تفسخ النكاح؟ فقالت: أفسخ النكاح، ففسخت النكاح لنفسها، وكان زوجها يحبها حباً شديداً حتى كان يجري وراءها في أسواق المدينة يبكي، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا تعجبون من حب مغيث لـ بريرة وبغض بريرة لـ مغيث) هذا عجب!! إذ أن العادة أن القلوب شواهد تتبادل الحب والبغض، ثم أمرها أن ترجع إلى زوجها، قالت: (يا رسول الله! أأنت تشير عليَّ أم تأمرني؟ إن كنت تأمرني فسمعاً وطاعة، وإن كنت تشير عليَّ فلا رغبة لي فيه.
قال: بل أشير.
) أما إذا علمنا أنه أَمَرَ تعبداً فلا ينبغي أن نقول: هل الأمر للاستحباب أو للوجوب.
وكذلك يقال في النهي، صوَّر نفسك كأن الرسول أمامك عليه الصلاة والسلام، قال لك: لا تفعل.
هل يليق بك أن تقول: يا رسول الله! أنت جازم أو ما أنت جازم؟ لا يجوز، أو أمرك هل يليق لك أن تقول: يا رسول الله أنت جازم أو ما أنت جازم؟ ما يليق، افعل يا أخي، إن كان واجباً أثبت عليه ثواب الواجب، وإن كان مستحباً أثبت عليه ثواب المستحب، لكن إن تركت فأنت على خطأ، إنما لو تورط الإنسان ووقع في المخالفة فعل المنهي أو ترك المأمور حينئذٍ يسأل، يقول: هل الأمر للوجوب أو هل النهي للتحريم من أجل يحدث توبةً للمخالفة، أما في أول الأمر فقل: سمعنا وأطعنا ولا تتردد.