قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} [الواقعة:10] هؤلاء آخر الأصناف، وقوله: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} أصح الأعاريب فيها أن قوله: (السابقون) مبتدأ وخبره (السابقون) أي: أن السابقين إلى الأعمال الصالحة هم السابقون إلى الثواب في الآخرة، فكأنه قال: السابقون هم السابقون، السابقون في الدنيا بالأعمال الصالحة هم السابقون في الآخرة بالثواب {أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [الواقعة:11] المقربون إلى الله عز وجل، فهم في أعلى الجنان، وأعلى الجنان أقرب إلى الرحمن عز وجل؛ لأن الفردوس وهو أعلى درجات الجنة فوقه عرش الله عز وجل، فيكون قوله: (المقربون) أي: إلى الله عز وجل (أولئك المقربون) إلى الله في جنات النعيم، فذكر منزله قبل ذكر منزلته، وكما يقال: الجار قبل الدار، وكما قال في امرأة فرعون: {رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ} [التحريم:11] (عندك) بدأت بالجوار، وهنا قال: {أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} قبل أن يبدأ بذكر الثواب؛ لأن قربهم من الله عز وجل فوق كل شيء، جعلنا الله وإياكم منهم.