قال تعالى: {إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجّاً * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثّاً} [الواقعة:4-6] (إذا رجت الأرض) أي: زلزلت زلزلةً عظيمة، ولهذا قال: (رجاً) أي: رجاً عظيماً، وأنت تصور أنك ترجُ إناءً فيه ماء كيف يكون اضطراب الماء فيه؟ فالأرض يوم القيامة ترج بأمر الله عز وجل، وهذا كقوله تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} [الزلزلة:1] ، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج:1] إذاً (إذا رجت) أي: هزت وزلزلت (رجاً) أي: رجاً عظيماً، (وبست الجبال بساً) بعثرت وهبطت وصارت كثيباً مهيلاً ولهذا قال: (فكانت هباءً منبثاً) كالهباء الذي نراه حينما تنعكس أنوار الشمس في حجرةٍ مظلمة تجد هذا الهباء تحسه في خلال ضوء الشمس، (منبثاً) متفرقاً.
هذه الجبال الصم الصلبة، التي يكون الصخر فيها أكبر من الجمال، بل ربما يكون الجبل الواحد صخرةً واحدة يكون يوم القيامة هباءً منبثاً بأمر الله عز وجل، فتبقى الأرض ليس فيها جبال ولا شجر ولا أودية ولا رمال كما قال الله عز وجل: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً * فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً} [طه:105-106] (فيذرها) أي: الأرض {لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً} [طه:107] .