قال الله تعالى: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر:45] (يهزم) أي: يخذلون شر خذيلة، ويولون الدبر، ولا يستطيعون المقاومة ولا المدافعة ولا المهاجرة، مع أنهم كانوا يقولون: (نحن جميع منتصر) ولكن لا انتصار لهم، وهذا هو الذي وقع ولله الحمد، وأول ما وقع في غزوة بدر حين اجتمع رؤساؤهم وكبراؤهم وصناديدهم في نحو ما بين تسعمائة إلى ألف رجل في مقابل ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهزموا -ولله الحمد- شر هزيمة وتحدثت بهم الأخبار، وألقي أربعة وعشرون نفراً من رؤسائهم في قليبٍ من قُلُب بدر خبيثة منتنة، وهذا شر هزيمة ولا شك، ولذا قال: (سيهزم الجمع ويولون الدبر) هذه عقوبتهم في الدنيا، وفي الآخرة قال تعالى: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ} [القمر:46] يعني: أضف إلى ذلك أن الساعة موعدهم: وهو يوم البعث {وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر:46] أي: أشد فتكاً وأمر مذاقاً؛ لأن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا.