قال تعالى: {وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ * فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ} [القمر:38-39] أي: أن العذاب صبحهم وأتاهم في الصباح على حين قيامهم من النوم واستقبالهم يومهم وهم فرحون، كل واحدٌ منهم يفكر فيما يفعل في هذا اليوم، فإذا بالعذاب يقع بهم -نسأل الله العافية- {فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ} .
من العبر في هذه الآية: أن هؤلاء الذين قلب الله فطرتهم وطبيعتهم قلب الله عليهم البنيان برميهم بحجارة من سجيل، فتهدم البنيان حتى صار أعلاه أسفله، وقيل: إن الله تعالى قلب بهم ديارهم، اقتلعها من أساسها، حتى رفعها ثم قلبها، فإن صح هذا فالله على كل شيء قدير، وإن لم يصح فليس علينا إلا أن نأخذ بظاهر القرآن أنهم أمطروا بحجارة من سجيل فتهدم البناء عليهم.
أخذ أهل العلم من ذلك: أن اللوطي يقتل بكل حال، الفاعل والمفعول به، وهذا هو القول الراجح، أن اللوّاط يجب فيه القتل على كل حال، وليس كالزنا، الزنا يفرق فيه بين المتزوج وغير المتزوج، أما اللواط فيقتل فيه على كل حال ما دام الفاعل والمفعول به بالغين عاقلين فإنه يجب قتلهما بكل حال إلا المكره، فإنه ليس عليه شيء، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أجمع الصحابة رضي الله عنهم على قتل الفاعل والمفعول به إلا أنهم اختلفوا كيف يقتلان؟ فقال بعضهم: يقتلان بالرجم بالحجارة حتى يموتوا، وقال بعضهم: يقتلان بأن يلقيا من أعلى مكانٍ في البلد ويتبعان بالحجارة، وحرق أبو بكر رضي الله عنه اللوطية بالنار، وكذلك خالد بن الوليد وأحد خلفاء بني أمية حرقوهم بالنار لعظم جرمهم والعياذ بالله، ولأن هذه الفاحشة إذا انتشرت في قومٍ صار رجالها نساءً، وصار الواحد منهم يتتبع فحول الرجال حتى يفعلوا به الفاحشة والعياذ بالله، وانقلبت الأوضاع، وضاع النسل بمعنى: أن الناس ينصرفون إلى الذكور ويدعون النساء اللاتي هن حرث للرجال والتحرز منه صعب؛ لأنه لا يمكن أن نجد اثنين ونقول: كيف صحبت هذا مثلاً؟ لكن لو وجدنا رجلاً وامرأة يمكن التحرز منهم، فلذلك كان دواء المجتمع من هذه الفعلة القبيحة الشنيعة أن يقتل الفاعل والمفعول به، وقد جاء في ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به) .
ولهذا يجب علينا -أيها الإخوة- أن نحترز من هذا غاية الاحتراز، وأن نتفقد أبناءنا أين ذهبوا؟ ومن أين جاءوا؟ ومن أصدقاؤهم؟ وهل هم على الاستقامة أو لا؟ حتى نحمي المجتمع من هذا العمل الخبيث.