وانتهينا إلى قوله تعالى في سورة القمر: (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ} [القمر:33] قوم لوط هم أناس كفروا بالله عز وجل وأشركوا به، وكان ما اختصوا به من المعاصي هذه الفعلة القبيحة الشنيعة وهي اللواط أي: إتيان الذكر الذكر، وحذرهم نبيهم من هذا وقال لهم: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} [الشعراء:165-166] ولكنهم والعياذ بالله استمروا على هذا حتى جاءهم العذاب، وهذه السورة ذكر الله تعالى فيها قصة الأنبياء على سبيل الإجمال فقال فيما سبق ما تقدم الكلام عليه، وقال هنا: (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ} النذر: جمع نذير، وهي الكلمات التي أنذرهم فيها لوط عليه الصلاة والسلام، وجمعها يدل على أنه كان يكرر عليهم هذا، ولكنهم أبوا وأصروا على هذا الفعل، فبين الله عقوبتهم بقوله: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} [القمر:34] (حاصباً) يعني: شيئاً يحصبهم من السماء، أمطر الله عليهم حجارة من سجيل فهدمت بيوتهم حتى كانت عاليها سافلها؛ لأن البناء إذا تهدم صار أعلاه أسفله.
(إلا آل لوط) وآل لوط هم أهل بيته إلا زوجته كما قال تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات:35-36] نبي يبعث إلى قومه ولم يتبعه إلا أهل بيته إلا امرأته أيضاً فكانت كافرة، ومع ذلك فهو صابر حتى أذن له بالخروج: {إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} أي: في السحر في الصباح، وذلك أن هؤلاء القوم أخذهم العذاب صباحاً كما ابتدئ عذاب عادٍ بالصباح: {سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً} [الحاقة:7] لأنه ابتدئ في الصباح، فأخذهم العذاب -والعياذ بالله- في الصباح، فأهلكهم الله.