Q هل من كلمة توجيهية لأولئك القوم الذين يعتقدون في الأولياء الذين توفوا أن لهم كرامات ما زالت باقية؟ وما زالوا الآن يتبركون بالآثار التي لا تنفع بشيء كأن يأتون إلى القبر فيتمسحون بالتراب؟
صلى الله عليه وسلم نقول: الأموات الذين ماتوا حتى لو علمنا صلاحهم قبل موتهم وأنهم من أولياء الله الذين آمنوا وكانوا يتقون، فإن آثارهم الحسية ذهبت لا شك، لكن قد يكون للإنسان آثار معنوية تعد من كراماته، كقبول كتبه ومؤلفاته، فمثلاً شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، لا شك أن قبول الناس لكتبه وانتفاعهم بها من كرامات الله عز وجل لهذا الرجل، فإن هذه كرامة باقية، لكن الكرامة الحسية بمعنى: أن تنزل البركة في ذكره أو ما أشبه ذلك هذا لا يجوز، وانتبه لقوله: الأولياء: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس:63] لأن بعض المدعين للولاية هم من الأعداء وليسوا من الأولياء، فقد سمعنا أنه يوجد أناس في الصوفية وغير الصوفية يقولون: إنهم أولياء لله، وهم أعداءٌ لله، تجده يرى نفسه في مقام الربوبية، ويرى أن من الأولياء من هو أفضل من الأنبياء، ويرى أن لأئمتهم من المنزلة ما لا يبلغه ملكٌ مقرب ولا نبي مرسل، وما أشبه ذلك، هل نعد هذا من أولياء الله أو من أعداء الله؟ هذا من أعداء الله بلا شك، حتى ولو ادعى الولاية، حتى لو فرض أن الله أجرى على يديه أشياء خارقة للعادة فهي إما من الشياطين وإما ابتلاء من الله عز وجل؛ لأن الميزان في الولاية وفي العداوة هو هذا الذي ذكره الله عز وجل بقوله: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس:62-63] هذا هو الميزان، وما أحسن ما قال شيخ الإسلام رحمه الله -كلمتان مأخوذتان من آية الولاية- قال: (من كان مؤمناً تقياً كان لله ولياً) .
وقال: (بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين) .
أخذاً من قول الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة:24] فهاتان قاعدتان عظيمتان والميزان لا يبخسان، من الولي؟ المؤمن التقي، من الإمام؟ الصابر والموقن بآيات الله عز وجل.
وأما أن يأتي إلى القبر ويتمسح بالتراب فهذا حسي، هذا ما يجوز، التبرك بتراب القبر جهل وضلال: أولاً: تراب القبر لم يمس هذا الرجل المدفون هو في الأعلى، ما له علاقة به.
والثاني: أن هذا التراب تبول عليه الكلاب، كيف يتبرك به؟! والثالث: أن هذا لا يفيد وإن أفاد فهو امتحان من الله عز وجل.