Q فضيلة الشيخ! في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يمل حتى تملوا) هل تثبت هذه الصفة لله عز وجل ألا وهي الملل؟
صلى الله عليه وسلم أجيبك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون) ما بالك تبحث عن ثبوت الملل لله عز وجل أو عدم ثبوته؟ أنت تعلم أن الرسول خاطب الصحابة في ذلك، وتعلم أن الصحابة أحرص منا جميعاً على معرفة صفات الله تعالى، وهل أوردوا على الرسول هل يمل أو لا يمل، أو قالوا: سمعنا وصدقنا وآمنا أن الله لا يمل حتى نمل؟! فما كان في الملل من نقص فهو لنا وليس لله، فالله تعالى كامل الصفات.
فيجب أن نتوقف عن البحث والنقاش في هذا الأمر، وأقول لك ولغيرك ولمن سمع كلامي هذا إن صفات الله عز وجل يجب أن يحترز الإنسان منها غاية الاحتراز، ولا يتجاوز ما ورد، فإن تجاوز ما ورد هلك؛ لأنه سوف يقع في أحد أمرين: إما التمثيل ولزوم النقص في صفات الله، وإما التعطيل، أحد هذين الأمرين، وسبحان الله العظيم الصحابة مائة وأربعة وعشرون ألفاً، والتابعون أكثر وأكثر، وأئمة المسلمين سكتوا عن هذا فيأتي متأخرون من العلماء، ويأتي الإخوة الطلبة الشباب الذين يريدون أن يتعمقوا -زعموا- في صفات الله، فينقبون عن مثل هذه المسائل، كم أصابع الله؟! كيف عينه؟! كيف وجهه؟! أما تعلم أن الإمام مالك رحمه الله لما قال له شخص يا أبا عبد الله!: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] كيف استوى؟ أطرق برأسه حتى جعل يتصبب عرقاً خجلاً من هذا السؤال واستعظاماً له، وتعظيماً للرب عز وجل، ثم رفع رأسه وقال: يا هذا! الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعاً، ثم أمر به أن يخرج، فأخرج من المسجد.
هذه المسائل أيها الشباب! مسائل الصفات لا تحرصوا على التعمق فيها حتى لا تقعوا في الهلاك، قولوا: سمعنا وآمنا وصدقنا وليس كمثله شيء وهو السميع البصير، نحن ما دمنا نعمل فالله تعالى يثيبنا ولا يمل حتى نمل، والملل إذا كنت ترى أنه نقص فيك فلا تثبت لله صفة نقص، فهو ملل يليق به، ونعلم أنه لا يستلزم نقصاً في حق الله إن كان ثابتاً له، وأحذرك وأحذر السامعين من التنطع والتعمق في هذه المسألة الخطيرة، عليكم بما كلفتم به من الأعمال، ودعوا ما لم تكلفوا به، ابحث كيف تصلي كيف تتوضأ كيف تصوم كيف تتصدق، واترك صفات الله عز وجل، خذها كما جاءت ولا تنقب عنها؛ لأن أمامك أناساً أعلم منك، وأحرص منك على معرفة الله، وأشد حباً منك للخير وللعلم ما ناقشوا الرسول فيها.